00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

تواطؤ فكري يجمل العنصرية|«الأعلى للمسلمين» بألمانيا يستنكر تبرير الإسلاموفوبيا

عبدالصمد اليزيدي
عبدالصمد اليزيدي

قال عبدالصمد اليزيدي، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا إنه في الوقت الذي تتصاعد فيه ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب بشكل مقلق، يظهر نمط متكرر – ومؤسف – في خطاب بعض العلماء والخبراء المسلمين الذين يعمدون إلى تفسير هذا الخوف المرضي من الإسلام استنادًا إلى سلوكيات بعض المسلمين الفردية الشاذة ". 

تبرير الإسلاموفوبيا تواطؤ فكري يُغطي على العنصرية

وأشار إلى أن هذا التفسير، الذي يبدو في ظاهره محاولة لتفهم المخاوف الغربية، يتحول عمليًا إلى خطاب تبريري يبرئ الجاني ويحمل الضحية مسؤولية معاناتها، في تكرار لصيغة "نعم، هناك عنصرية، ولكن المسلمين أيضًا يتحملون جزءًا من المسؤولية".

في هذا السياق، يُغفل – عمدًا أو سهوًا – السياق الأوسع للإسلاموفوبيا بوصفها ظاهرة أيديولوجية وهيكلية، تتغذى على خطابات سياسية متطرفة، وأجندات إعلامية منحازة، وسياسات أمنية تمييزية، وتُستغل لتعزيز توجهات يمينية تستثمر في التخويف من الآخر لتحقيق مكاسب انتخابية أو فرض مزيد من المراقبة والسيطرة.

وتابع: من المثير للأسف أن بعض هؤلاء المتحدثين من "المسلمين أنفسهم، يروّجون لفكرة أن وجود الإسلاموفوبيا مرتبط بفشل المسلمين في "الاندماج"، أو بسلوكيات "عدوانية" في الفضاء العام، كأن ينظّموا مظاهرة أو يرفعوا صوتهم دفاعًا عن أنفسهم أو عن قضاياهم. بينما تتجاهل هذه الأطروحات الحقائق الميدانية والبيانات البحثية التي تعكس واقعًا مغايرًا تمامًا.

دراسات ميدانية تُفنّد المزاعم

وأوضح أن هناك دراسة مؤسسة Bertelsmann Stiftung، وهي من أبرز مراكز الأبحاث المستقلة في ألمانيا، تؤكد أن الغالبية الساحقة من المسلمين المقيمين في ألمانيا مندمجون بشكل فعّال في المجتمع، يتحدثون اللغة، يشاركون في سوق العمل، يربّون أبناءهم على القيم المدنية، ويعبّرون عن ولائهم للدولة الألمانية. كما أظهرت الدراسة أن المسلمين في غالبيتهم يؤمنون بالديمقراطية، ويرفضون العنف، ويساهمون في الحياة المدنية بشكل إيجابي.

وفي دراسة حديثة أجرتها جامعة ماربورغ (Marburg)، تم تحليل طبيعة المشاركين في المظاهرات التضامنية مع غزة، وقد أثبتت النتائج أن غالبيتهم من الشباب المتعلمين، ذوي الخلفية الجامعية، الذين عبّروا عن مواقف إنسانية مناهضة للحرب، مؤيدة للعدالة والسلام، وليسوا متطرفين أو أعداء للقيم الديمقراطية كما يُروّج. بل إن الدراسة لاحظت أن الكثير من المشاركين هم أنفسهم ممن يعملون في قطاعات الرعاية والتعليم والخدمات – أي ممن يشاركون يوميًا في بناء هذا المجتمع.

الخطر في الخطاب المزدوج

الخطير في الربط بين الإسلاموفوبيا وسلوكيات المسلمين ليس فقط أنه خاطئ علميًا وأخلاقيًا، بل أيضًا لأنه يُستخدم كمبرر سياسي لقمع المسلمين وتقييد حقوقهم. إذ يصبح من "الطبيعي" مراقبة المساجد، واستهداف الجمعيات الإسلامية، ووصم المتظاهرين، وتبرير الإقصاء من مؤسسات الدولة، بدعوى أن "المسلمين لم يتصرفوا كما ينبغي".

بل إن هذا النوع من الخطاب يُخفف الضغط على المؤسسات والسياسيين والإعلام، لأن التركيز يتحول من محاسبة صناع الكراهية إلى "تأديب" الضحية. والأسوأ أن هذا التواطؤ – حين يصدر من الأوساط الفكرية الإسلامية – يُضفي شرعية على هذه السياسات، ويُمنح كمنصة لتبرير إجراءات غير ديمقراطية.

الإسلاموفوبيا ليست نتيجة بل سبب

علينا أن نعيد التأكيد، وبكل وضوح، أن الإسلاموفوبيا ليست نتيجة لتصرفات المسلمين، بل هي ظاهرة أيديولوجية ذات جذور عنصرية، تغذيها شبكات من المصالح السياسية والاقتصادية والثقافية. تبريرها تحت أي غطاء فكري أو ديني يساهم في تعميق الأزمة، ويُسهم في تآكل الثقة بين المسلمين ومجتمعهم، ويُعيق بناء عقد اجتماعي قائم على العدالة والمساواة.

أما المسلمون في أوروبا، فقد أثبتوا – بفضل سلوكهم ومشاركتهم ومساهمتهم في بناء الأوطان – أنهم جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي، ولا يحتاجون لمن يُحمّلهم أوزار الكراهية التي يُنتجها الآخرون.

تم نسخ الرابط