00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

في عالم يئن تحت وطأة التحولات الجيوسياسية الكبرى، لم تعد الخريطة السياسية الدولية كما عرفناها منذ انتهاء الحرب الباردة، فالنظام الأحادي القطبية الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة لعقود لم يعد يحتمل عبء التفرد، حيث تشير كل المؤشرات إلى أن العالم يتحول بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، تحركه قوى صاعدة لا تشارك بالضرورة الرؤية الغربية للعالم لقد مثلت نهاية الحرب الباردة لحظة ذروة القوة الأمريكية، حيث برزت كقوة عظمى وحيدة بلا منازع، قادرة على فرض إرادتها على المسرح الدولي، مدعومة بقوة عسكرية لا تضاهى ونظام اقتصادي ليبرالي
أصبح معيارًا للعالم لكن هذه الهيمنة لم تكن لتدوم إلى الأبد، فبذور التعددية كانت تُزرع في صمت جاء صعود الصين كأقوى تجسيد لهذا التحول، فمن دولة نامية إلى عملاق اقتصادي يتحدى الهيمنة الأمريكية، مستندة إلى نموذج تنموي فريد يجمع بين سلطة الدولة وآليات السوق، مطلقًا مبادرة الحزام والطريق التي أعادت رسم خريطة النفوذ الاقتصادي العالمي لم يكن الصعود الصيني مجرد ظاهرة اقتصادية، بل تحول إلى تحدٍّ استراتيجي شامل، من بحر الصين الجنوبي إلى أفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث تطرح بكين نموذجًا بديلاً للحكم والتنمية.
لكن المشهد لا يقتصر على الصين وحدها، فروسيا تعود بقوة إلى الساحة الدولية، مستخدمة أدوات القوة الصلبة في أوكرانيا وسورية، وأدوات الطاقة والدبلوماسية كأسلحة لاختراق التحالفات الغربية وفي الوقت نفسه، تبرز قوى إقليمية فاعلة مثل الهند، التي تسعى بدورها إلى لعب دور أكبر في محيطها الإقليمي وفي العالم، مدعومة بنمو اقتصادي متصاعد وسوق استهلاكية ضخمة كما أن التكتلات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي، رغم التحديات الداخلية، تسعى للحفاظ على مكانتها كقطب مستقل في المعادلة الدولية هذا التعدد في مراكز القوة لا يعكس فقط تغيرًا في التوزيع الاقتصادي، بل يعني تحولاً جوهريًا في طبيعة النظام الدولي نفسه، حيث تتنوع مصادر الشرعية والقيم والمعايير لم يعد بمقدار قوة واحدة، مهما بلغت، أن تحدد بمفردها مسار الأحداث العالمية، كما رأينا في فشل الولايات المتحدة في فرض إرادتها في عدة أزمات دولية.
إن تراجع الهيمنة الأمريكية ليس مجرد انحسار للقوة، بل هو أزمة في النموذج نفسه فالنظام الليبرالي الدولي الذي قادته واشنطن بعد الحرب العالمية الثانية يواجه اليوم تحديات وجودية من الداخل والخارج من الداخل، تعاني الولايات المتحدة من الاستقطاب السياسي والأزمات الاقتصادية المتلاحقة، مما يحد من قدرتها على الاضطلاع بدور القائد العالمي ومن الخارج، تواجه مقاومة متزايدة لنموذجها من قبل القوى الصاعدة التي ترفض الانصياع لشروط اللعبة التي وضعتها لم يعد العالم مكانًا يمكن لإدارة واحدة أن تديره بمفردها إن صعود التعددية القطبية يحمل في طياته إمكانيات كبيرة لمستقبل أكثر توازنًا، حيث تشارك قوى متعددة في إدارة الشؤون العالمية، مما قد يؤدي إلى نظام دولي أكثر استقرارًا وتمثيلاً لكنه يحمل أيضًا مخاطر الفوضى وغياب القيادة، خاصة في مواجهة التحديات العالمية العابرة للحدود مثل تغير المناخ والأوبئة والإرهاب السؤال الآن ليس عما إذا كان العالم سيتجه نحو التعددية القطبية، فهذا المسار قد أصبح حتميًا، بل كيف ستدار هذه التعددية؟ هل ستكون منصة للتعاون والمنافسة السلمية، أم ساحة لصراعات جديدة؟ الإجابة تعتمد على حكمة القادة في واشنطن وبكين وموسكو والعواصم الأخرى، وقدرتهم على تقديم المصالح المشتركة للبشرية على المنافسات الضيقة

تم نسخ الرابط