التربية الإيجابية..حدود التأديب دون إضعاف شخصية الطفل
في لحظات التربية اليومية، حين نطلب من الطفل أن يجلس بهدوء، أو ألا يقاطع أو يجادل، قد نعتقد أننا نهذبه.
لكن ما الفرق بين تعليم السلوك الحسن، وسحق رأيه؟ متى يصبح الانضباط كبت؟ ومتى نتحول "دون قصد" من مربين إلى مروضين؟.
التهذيب: ما هو وما هدفه الحقيقي؟
التهذيب ليس طاعة عمياء، بل عملية تعليم الطفل كيف يحترم الآخرين، يعبر عن نفسه بلطف، ويدير مشاعره ضمن حدود آمنة. الطفل المُهذّب لا يتصرّف بشكل جيد لأنه خائف، بل لأنه يفهم أثر تصرفه، ويشعر بأن لديه مكانة في عائلته حتى حين يخطئ.
متى يبدأ كسر الإرادة؟
يبدأ كسر الإرادة حين:
يمنع الطفل من التعبير عن رأيه أو الاعتراض.
يطلب منه السكوت لا لشيء إلا لأن "الكبار يتكلمون".
يستهزأ بمشاعره أو يسكت حين يبكي.
يجبر على الاعتذار أو مشاركة ألعابه رغمًا عنه.
يهدَّد بالحب أو القبول إن لم "يحسن التصرف".
هذه التصرفات لا تُعلّم الطفل الانضباط، بل تزرع فيه الخضوع والتشكيك بقيمته الذاتية.
الفرق الجوهري بين التهذيب والتكسير
التهذيب:
يبنى على الاحترام المتبادل.
يعلم الطفل المهارات الاجتماعية.
يبقي شخصية الطفل حية ومتطورة.
يعطي شعورًا بالكرامة.
أما كسر الإرادة:
يبنى على السيطرة والخوف.
يُجبر الطفل على التكيّف ولو على حساب نفسه.
يطفئ المبادرة والتعبير الذاتي.
يعزز الشعور بالخجل أو الدونية.
كيف نضبط دون أن نكسر؟
في كل شيء في الحياة هناك توازن، حتى في تربيتك لطفلك هناك توازن في التهذيب، إليك كيفية التهذيب الصحيح:
أنصتي قبل أن تعلقي
أحيانًا يريد الطفل فقط أن يشعر أنه مسموع.
اضبطي السلوك لا المشاعر
لا تقولي "لا تبكِ"، بل قولي: "أنا معك، وسنتحدث بعد أن تهدأ".
ضعي الحدود بثبات وحنان
"لن أسمح بضرب أختك، حتى لو كنت غاضبًا. قل لي ماذا أزعجك؟".
افسحي له المجال ليقول "لا" بأدب
لأن الطفل الذي لا يتعلّم أن يقول "لا" في البيت، قد لا يعرف كيف يقولها خارجه.
التربية ليست حربًا نربحها إذا سكت الطفل أو أطاع، بل علاقة نبنيها ليكبر الطفل وفي داخله صوت يعرف أن له قيمة، ورأيًا، ومساحة آمنة في هذا العالم. التهذيب الحقيقي يُقوّي الشخصية، لا يُلغيها.