مدير الترميم يروي تفاصيل لحظة رفع قناع توت عنخ آمون
في صمت يملأ القاعة الكبرى للملك الشاب، ارتفعت دقات القلوب مع لحظة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، حين أمسك الدكتور عيسى زيدان، مدير عام الترميم ونقل الآثار بالمتحف المصري الكبير، القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون بين يديه.
كانت يداه تحملان أكثر من قطعة أثرية، فقد حملتا تاريخ الحضارة المصرية وروح الفراعنة، في مشهد جمعت فيه الهيبة والفخر، مختلطًا بالإعجاب والمسؤولية الكبرى، ليصبح المتحف الكبير شاهداً على عبور مجد الفراعنة من التحرير إلى الخلود.
ووصف الدكتور زيدان اللحظة بأنها كانت تجربة لا تقاس بالسنين، قائلا: اللحظة التي حملت فيها التاريخ بين يدي لن تتكرر في عمر الإنسان، كنت آخر من رفع القناع من موضعه في المتحف المصري بالتحرير، وأول من وضعه على عرشه الأبدي داخل المتحف المصري الكبير، بحضور فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وكبار الملوك والرؤساء من ضيوف مصر الكرام.
وأضاف زيدان أن المشاعر التي اختلطت في تلك اللحظة كانت مزيجا من الدهشة والفخر والخوف والعظمة، مشيرًا إلى أن شعوره كان كأنه يشارك في كتابة فصل جديد من خلود الحضارة المصرية، مشيرا أن هذه الرحلة التاريخية جاءت ثمرة جهد ضخم ومتناغم شارك فيه العشرات من المرممين والآثاريين المصريين من المتحف الكبير ومتحف التحرير، مضيفا أن عملية النقل تمت وفق أعلى المعايير العلمية والدقيقة التي تليق بأندر ما أنجبته الحضارة المصرية القديمة.
وأشار مدير الترميم إلى أن القناع الذهبي لتوت عنخ آمون ليس مجرد قطعة أثرية، بل أيقونة عالمية تحمل تاريخ الفراعنة وروح الحضارة المصرية، وهو ما منح كل خطوة في عملية النقل حساسية استثنائية ومسؤولية كبرى. وقال: «إنها مسؤولية وشرف يفوق كل شرف، أن تضع بيديك أيقونة العالم على عرشه الأبدي في صرح مصر الحضاري الجديد… المتحف المصري الكبير. بهذه اللحظة، لا يسجل التاريخ فقط نقل قطعة أثرية، بل يسجل عبور مجد الفراعنة من التحرير إلى الخلود، في أكبر متحف أثري في العالم».
وتعد هذه الخطوة جزءًا من مشروع المتحف المصري الكبير الذي يهدف إلى عرض الكنوز المصرية القديمة في بيئة آمنة وعصرية، مع المحافظة على أصالة التاريخ وروح المكان. كما يمثل هذا النقل لحظة رمزية، تجمع بين الماضي والحاضر، وتؤكد على قدرة مصر على الحفاظ على إرثها الحضاري وإبرازه للعالم بأبهى صورة.
