00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

ما حكم الكتابة على العملات الورقية؟ ..دار الافتاء توضح

العملات النقدية
العملات النقدية

أكدت دار الإفتاء المصرية أنه لا ينبغي شرعًا الكتابة على العملات النقدية الورقية الرسمية؛ لما في ذلك من تشويهٍ للعملةِ وإتلافٍ لها بالكتابةِ عليها أو الرَّسْم ونحوهما، وهذا الفعل كما هو مُحرَّمٌ شرعًا هو أيضًا مُجَرَّمٌ قانونًا.

حفظ المال مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية


أولت الشريعة اهتمامًا بالغًا بالمال وجعلت حفظه مقصدًا من مقاصدها الضرورية الكبرى؛ وذلك لأنه سبب المعاش وبه قيام حياة الناس، فبانضباطه تنضبط أحوالهم وباختلاله تختل معايشهم؛ قال تعالى: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما﴾ [النساء: 5]؛ قال الإمام القرطبي: أي ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي تصلح بها أموركم.
وحفظ الأموال كما يحصل بحمايتها من الهدر والتلف وصيانتها عن الضياع والسرف يحصل أيضًا بتنميتها بالاكتساب وزيادتها بالإنتاج؛ قال تعالى: ﴿وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله﴾ [المزمل: 20].
قال الإمام القرطبي: سوى الله تعالى في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال الحلال للنفقة على نفسه وعياله والإحسان والإفضال، فكان هذا دليلًا على أن كسب المال بمنزلة الجهاد لأنه جمعه مع الجهاد في سبيل الله.
فمنع الشرع الشريف من إضاعة المال أو هدره أو إتلافه وعدم صونه أو الإفساد فيه جاء لكمال عنايته به؛ قال الإمام ابن قدامة: إضاعة المال منهي عنها، وإتلافه محرم.
والأصل في ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».
قال الإمام النووي: أما إضاعة المال فهو صرفه في غير وجوهه الشرعية، وتعريضه للتلف، وسبب النهي: أنه إفساد، والله لا يحب المفسدين، ولأنه إذا أضاع ماله تعرض لما في أيدي الناس.
وقال الإمام بدر الدين العيني: وإضاعة الأموال، وهو أن يتركه من غير حفظ له فيضيع، أو يتركه حتى يفسد، أو يرميه إذا كان يسيرًا كبرًا عن تناوله، أو بأن يرضى بالغبن، أو ينفقه في البناء واللباس والمطعم بإسراف، أو ينفقه في المعاصي، أو يسلمه لخائن أو مبذر، أو يموه الأواني بالذهب أو يطرز الثياب به.
والمال إما أن يكون مملوكًا ملكية خاصة أو ملكية عامة؛ فأما الملكية الخاصة فهي التي تتعلق بالأفراد والأشخاص، وأما الملكية العامة فهي التي تتعلق بمجموع أفراد المجتمع بحيث ينتفع بها الجميع، وكلا النوعين له حرمته؛ لأن الأصل في الأموال العصمة.

وظائف العملات الورقية


أما النقود الورقية فقد شهدت تطورًا كبيرًا منذ نشأتها حتى أصبحت ورقة قانونية إلزامية تصدرها البنوك المركزية وتضمنها الدول، وأصبح لها وظائف أساسية وأدبية؛ فأما وظائفها الأساسية فمنها: أنها وسيط تبادل مقبول لدى الجميع لما لها من قوة شرائية وادخارية، ومعيارية حسابية تقوّم بها الأشياء. وأما وظائفها الأدبية فمنها: أنها تحمل غالبًا الهوية الثقافية والحضارية للدول المصدرة لها، كما أنها تعبر عن استقلالها وسيادتها.
ومن ذلك يعلم أن النقود الورقية يجب أن تحفظ وتصان؛ لكونها مالًا أوجب الشرع حفظه ونهى عن الإفساد فيه، إضافة لكون تيسير التبادل هو الغرض الأساس من إنتاجها، وهو الذي تتحمل من أجله الدول التكلفة الكبيرة لطباعتها وإصدارها؛ حيث تستحوذ تكلفة طباعة وإصدار النقود في مصر على نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة.

المقصود بالكتابة على العملات الورقية


الكتابة على العملات الورقية يقصد بها: العبارات أو الرسوم أو الرموز التي يكتبها عامة الناس على فئات النقد الورقية سواء كان ذلك بخط اليد، أو بطبع أختام بأي صورة.

حكم الكتابة على العملات الورقية


الكتابة على العملات النقدية الورقية تشويه لها وإتلاف؛ لأنها تؤثر سلبًا على الغرض الذي طبعت من أجله وهو تيسير التبادل، وهو ما يدعو البنك المركزي إلى جمعها وإعدامها وطباعة غيرها بدلًا عنها، ولا تخفى التكلفة الباهظة التي تتكبدها الدولة في سبيل ذلك.
وهذا الإتلاف والتشويه من الفساد المنهي عنه شرعًا؛ لما فيه من إضاعة المال المنهي عنه في حديث المغيرة بن شعبة السابق، ووجه دلالة الحديث أن الإفساد يجامع الإتلاف في الأمور الحسية.
كما أن الكتابة عليها تدخل تحت عموم نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن كسر سكة المسلمين؛ بجامع الإتلاف وفقدان القيمة وجعلها من قبيل العملة الرديئة التي لا تقبل التداول، فعن عبد الله بن عمرو المازني رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم، إلا من بأس».
قال الإمام الخطابي: أصل السكة الحديدة التي يطبع عليها الدراهم، والنهي إنما وقع عن كسر الدراهم المضروبة على السكة، وقد اختلف الناس في المعنى الذي من أجله وقع النهي عنه، فذهب بعضهم إلى أنه كره لما فيه من ذكر اسم الله، وذهب بعضهم إلى أنه كره من أجل الوضيعة وفيه تضييع للمال.
وقال ابن الأثير: أراد بها الدراهم والدنانير المضروبة بالسكة، وإنما كره تقريضها؛ لما فيها من ذكر الله، أو لأنها تضيع قيمتها.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي: الوجه أنه لا يحرم إلا إن كان فيه نقص لقيمتها.
وكذلك فإن الكتابة على العملة الورقية صورة من صور الاعتداء على المال العام والاعتداء على المصلحة العامة، وهو فساد عظيم وجرم كبير لا ينبغي المصير إليه؛ لعموم ضرره بالمجتمع؛ فقد أخرج البخاري عن خولة الأنصارية رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إن رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة».
وفي رواية عند الترمذي: «إن هذا المال خضرة حلوة، من أصابه بحقه بورك له فيه، ورب متخوض فيما شاءت به نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار».
قال الحافظ ابن حجر: أي يتصرفون في مال المسلمين بالباطل.

موقف القانون المصري من الكتابة على العملات الورقية


جاء قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المصري رقم 194 لسنة 2020م بحظر الكتابة على العملة الورقية بأي صورة من الصور صيانة لها؛ حيث نص في المادة رقم 59 على أنه: يحظر على أي شخص بخلاف البنك المركزي إصدار أي أوراق، أو مسكوكات من أي نوع، يكون لها مظهر النقد، أو تشبه النقد، كما تحظر إهانة النقد أو تشويهه، أو إتلافه، أو الكتابة عليه بأي صورة من الصور.
وجاء النص على العقوبة في الفقرة الثانية من نص المادة 226 من ذات القانون: يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تجاوز مائة ألف جنيه كل من خالف حكم المادة 59 من هذا القانون فيما يتعلق بإهانة أو تشويه النقد.
وينبغي التنبيه على أن ما تقوم به الدولة من طبع عملات تذكارية لا حجة فيه لما يقوم به بعض الأفراد من الكتابة على العملة بغرض التذكار؛ حيث إن العملات التذكارية التي تقوم الدولة بطباعتها لا تفقد الغرض الذي صنعت من أجله وهو التداول بينما تفقده بكتابة الأفراد عليها؛ لأنها تحبسها عن التداول وتفقدها قوتها الشرائية وإن انتفى فيها عمد إهانة النقد أو تشويهه.

تم نسخ الرابط