شوقي علام: الخلاف الفقهي «نعمة ربانية» تمنح التشريع مرونة وتواكب تطور المجتمع
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن الخلاف الفقهي بين العلماء ليس نقمة كما يظن البعض، بل هو نعمة أرادها الله سبحانه وتعالى لحكمة بالغة، موضحًا أن هذا الاختلاف يمنح التشريع الإسلامي مرونة وقدرة على التكيف مع الواقع المتجدد، بما يحقق مصالح الناس ويواكب تطور المجتمعات.
وأوضح الدكتور شوقي علام، خلال حلقة برنامج «بيان للناس» المذاع على قناة الناس اليوم الجمعة، أن من أهم صور الاستفادة من هذا الخلاف أن تستثمره السلطة التشريعية في سنّ القوانين المنظمة لحياة المواطنين، مشيرًا إلى أن التشريع يمكن أن يُقِرّ ما هو ثابت بنصوص قطعية الدلالة مثل تحريم القتل والسرقة والفساد في الأرض، وفي الوقت نفسه يستفيد من مساحة الاجتهاد الفقهي في القضايا المتغيرة بتغيّر الزمان والمكان.
الاختلاف الفقهي والتشريع
وأشار شوقي علام مفتي الديار المصرية السابق إلى أن البرلمان المصري وغيره من البرلمانات في الدول العربية والإسلامية، يمكن أن يختار من بين الآراء الفقهية المعتبرة ما يحقق المصلحة العامة، مؤكدًا أن التجربة المصرية قدمت نموذجًا رائدًا في هذا المجال، حين نجحت في استثمار التنوع الفقهي بعد دراسات شرعية وقانونية واجتماعية دقيقة.
وأضاف شوقي علام أن الفقه المالكي سبق إلى هذا المعنى من خلال مبدأ «ما جرى به العمل»، وهو أن يُؤخذ أحيانًا حتى بالقول الضعيف إذا تحقق به نفع ومصلحة معتبرة للمجتمع، شريطة أن يتم ذلك وفق رؤية العلماء المعتبرين وضوابط الفقهاء.
مبادئ الشريعة والتشريع المصري
وأكد الدكتور شوقي علام أن المشرع الدستوري المصري أحسن صنعًا حين نصّ في المادة الثانية من الدستور على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع»، موضحًا أن كلمة المبادئ هنا تشير إلى الدائرة القطعية التي لا يجوز مخالفتها، بينما تبقى دائرة الأحكام الاجتهادية مفتوحة أمام التطوير والتجديد بما يحقق مقاصد الشريعة ومصلحة الأمة.
واختتم شوقي علام مفتي الديار المصرية السابق حديثه بالتأكيد على أن الاختلاف الفقهي ثراء حضاري وليس خلافًا مفرّقًا، داعيًا إلى استثماره بصورة علمية مدروسة تسهم في تطوير التشريعات وتيسير حياة الناس، مع الحفاظ على ثوابت الدين ومقاصده العليا.