تمثال رمسيس الثاني.. رحلة العملاق من ميدان رمسيس إلى المتحف المصري الكبير
يعد تمثال رمسيس الثاني، ثالث ملوك الأسرة التاسعة عشرة وابن الملك سيتي الأول، واحدًا من أعظم الأعمال الفنية في التاريخ المصري القديم، ويمثل رمزًا للعظمة والفن الفرعوني الخالد، وشهد التمثال على مر العقود رحلة طويلة في النقل من موقعه الأصلي إلى المتحف المصري الكبير، في ثلاث مراحل نقل رئيسية، كل منها احتاج إلى تخطيط هندسي دقيق وجهود مهنية استثنائية لضمان سلامة هذا العملاق التاريخي.
تمثال رمسيس الثاني
نُحت تمثال رمسيس الثاني من الجرانيت الوردي، ويبلغ طوله 12 مترًا ويزن حوالي 82 طنًا، وقد اكُتشف عام 1820 في معبد ميت رهينة، واشتهر بعظمته العسكرية والفنية، وبناء المعابد والتماثيل، ومن أبرزها معبد أبوسمبل ومعبد الرمسيوم، وقاد عدة حملات عسكرية داخل وخارج حدود مصر، أبرزها معركة قادش الثانية عام 1274 ق.م.، كما أبرم أقدم معاهدة سلام في التاريخ عام 1258 ق.م بين مصر والحيثيين.
مرحلة النقل الأولى لتمثال رمسيس الثاني 1955
في مارس 1955، تم نقل التمثال إلى ميدان باب الحديد، الذي أصبح يعرف باسم ميدان رمسيس تكريمًا لشهرته، وقد مثل هذا النقل الخطوة الأولى في سلسلة التحركات التي شهدها التمثال خلال القرن العشرين، وكان الهدف منه تأمين التمثال ضمن بيئة حضرية أكثر مناسبة للعرض.
مرحلة النقل الثانية لتمثال رمسيس الثاني 2006
في أغسطس 2006، تم نقل التمثال من ميدان رمسيس إلى المتحف المصري الكبير بالهرم، خشية تعرضه للتلوث البيئي الناتج عن حركة القطارات والسيارات المزدحمة في الميدان، وتميزت هذه العملية بأنها واحدة من أعقد وأدق عمليات النقل الأثري في التاريخ الحديث، ووُصفت بأنها حدث عالمي فريد.
وقطعت رحلة التمثال آنذاك نحو 30 كيلومترًا بمشاركة أكثر من 1000 مهندس وخبير وعامل، وتم تحميله على عربة ضخمة مجهزة بنظام هيدروليكي لضمان ثباته واستقراره أثناء الرحلة، فيما تابعت فرق أخرى كل حركة بدقة لمنع أي أضرار محتملة، وقد وصفت وسائل الإعلام العملية بأنها موكب ملكي حديث، نظير رمزيته الكبيرة وارتباطه بالتاريخ الفرعوني والإنجاز الهندسي الحديث.
ووصل التمثال بسلام إلى موقعه الجديد وتم ترميمه بعناية قبل وضعه في البهو الرئيسي للمتحف المصري الكبير (GEM)، ليكون في استقبال الزائرين عند افتتاحه، محتفظًا بعظمته التاريخية وجلاله الفني.
مرحلة النقل الثالثة لتمثال رمسيس الثاني 2018
في 25 يناير 2018، تم نقل التمثال إلى موقعه النهائي داخل المتحف المصري الكبير الواقع أول طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي، والمعروف حاليًا بميدان الرماية، لتكتمل رحلة التمثال الطويلة التي بدأت منذ أكثر من ستة عقود، وليظل شاهدًا حيًا على تاريخ مصر العريق وإبداعها الفني والحضاري.





























