00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

في قلب القاهرة، حيث تختلط أصوات الباعة بروائح التاريخ، تولد تجربة جديدة تحمل ملامح التحول الحضاري الذي تشهده العاصمة في السنوات الأخيرة. سوق العتبة الجديد لم يعد مجرد مشروع لتجميع البائعين الجائلين، بل أصبح نموذجًا لرؤية الدولة المصرية في إعادة تنظيم الفضاء العام، وصناعة بيئة اقتصادية وإنسانية أكثر استقرارًا وكرامة.
منذ عقود، كانت منطقة العتبة رمزًا للحركة التجارية الشعبية. تكتظ الأرصفة بالباعة، تتقاطع الأصوات وتتنافس السلع في مشهد فوضوي مألوف، يعكس حيوية المصريين من جهة، ويكشف عن تحديات التنظيم والإدارة من جهة أخرى. لكن مع التغيرات المتسارعة التي تشهدها القاهرة، لم يعد ممكنًا ترك هذا القلب التجاري العريق فريسة للعشوائية، فكان القرار الحاسم: إعادة تنظيم السوق، وتوفير بيئة لائقة للبائع والمستهلك معًا.
رؤية الدولة: من الفوضى إلى النظام
تأتي خطوة إنشاء سوق العتبة الجديد ضمن خطة الدولة لإعادة تخطيط الأسواق الشعبية والمناطق المزدحمة في القاهرة الكبرى. فالمشروع لا يقتصر على نقل الباعة، بل يهدف إلى تأسيس منظومة اقتصادية متكاملة تتيح للبائع الجائل الاستقرار، وتمنحه مظلة قانونية وبيئة نظيفة وآمنة لممارسة نشاطه التجاري.
السوق الجديد تم تصميمه على أحدث طراز، بمساحات منظمة تتيح سهولة الحركة، وممرات مخصصة للزوار، ونقاط خدمات متكاملة تشمل الأمن، والإطفاء، ودورات المياه، ومناطق تحميل وتفريغ البضائع. كما تم تخصيص أكشاك موحدة الشكل مزودة بالكهرباء والمياه، ما يضفي مظهرًا حضاريًا يليق بمكانة وسط القاهرة التاريخية.
كرامة البائع وأمان المواطن
في الماضي، كان البائع الجائل يعمل في ظروف صعبة، بين شمسٍ حارقة وأمطارٍ مفاجئة، ودون ضمانات قانونية أو تأمين صحي. واليوم، ومع السوق الجديد، تحقق الدولة معادلة العدالة الاجتماعية والتنمية الحضرية في آنٍ واحد. فالبائع أصبح يمتلك مساحة رسمية لمزاولة نشاطه، ويستطيع تسجيل بياناته ضمن منظومة رقمية تتيح له الاستفادة من برامج التمويل الصغير، والتأمين الاجتماعي، والتدريب على إدارة المشروعات.
هذا التحول لا يحسن فقط من مستوى المعيشة للبائعين، بل يعزز أيضًا ثقة المواطنين في الأسواق الشعبية، ويخلق بيئة أكثر أمانًا وجودة للشراء، بعيدًا عن العشوائية والتزاحم.
التراث الشعبي في ثوبٍ جديد
رغم الطابع العصري للسوق الجديد، حرص القائمون على المشروع على الحفاظ على الروح التراثية لمنطقة العتبة. فالتصميمات الداخلية مستوحاة من الأسواق المصرية القديمة، مع لمسات معمارية حديثة، تجمع بين الأصالة والحداثة. كما تم تخصيص مساحات للأنشطة الثقافية والتراثية، لتظل العتبة مركزًا نابضًا بالحياة الشعبية والتجارة كما كانت، ولكن في إطارٍ من النظام والجمال.
خطوة ضمن مشروع حضاري شامل
لا يمكن قراءة مشروع العتبة الجديد بمعزل عن جهود الدولة الواسعة في تطوير القاهرة. فالمشروع يأتي امتدادًا لسلسلة من المبادرات مثل تطوير مثلث ماسبيرو، والأسواق في روض الفرج، والسيدة زينب، وشارع بورسعيد، وغيرها. إنها رؤية شاملة لتحديث العاصمة دون طمس هويتها، وإعادة توزيع الأنشطة التجارية بما يحقق الانسيابية المرورية، ويعيد للمكان قيمته الجمالية والتاريخية.
العتبة.. تستعيد نبضها
اليوم، ومع افتتاح السوق الجديد، تستعيد العتبة نبضها ولكن بروحٍ مختلفة؛ روح النظام والنظافة والاحترام المتبادل. البائعون الجائلون الذين طالما لاحقتهم حملات الإزالة، أصبحوا شركاء في التنمية، والمواطن الذي كان يشتكي من الفوضى بات يجد مكانًا مريحًا للتسوق في أجواء حضارية آمنة.
إن تجربة سوق العتبة الجديد ليست مجرد تطوير عمراني، بل رسالة واضحة من الدولة بأن التنمية لا تكتمل إلا بالإنسان، وبأن كرامة البائع الجائل جزء من كرامة المجتمع بأسره. إنها قصة نجاح جديدة تُكتب في سجل القاهرة التي تتجدد، وتستعد لمرحلة أكثر إشراقًا، حيث يلتقي الماضي بالحاضر في لوحة اسمها: العتبة الجديدة.

تم نسخ الرابط