الاقتصاد العالمي يحبس أنفاسه.. هل يعلن ترامب وشي نهاية الحرب الباردة الجديدة؟
الاقتصاد العالمي يحبس أنفاسه.. هل يعلن ترامب وشي نهاية الحرب التجارية؟
تتجه أنظار العالم إلى اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، وسط تساؤلات كبرى حول ما إذا كان هذا اللقاء سيشكل نقطة تحول في الحرب الاقتصادية المستعرة بين أكبر اقتصادين في العالم.
هل تنتهي الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين؟
يأتي الاجتماع في ظل تصاعد التوترات التجارية وسباق النفوذ التكنولوجي، وتبادل الرسوم الجمركية والعقوبات، ما جعل العلاقات بين واشنطن وبكين تمر بأكثر مراحلها توتراً منذ عقود.
نافذة جديدة للحوار ويضع أسساً لوقف التص
وبينما يترقب المستثمرون والأسواق العالمية نتائج المباحثات، يأمل المراقبون أن يفتح هذا اللقاء نافذة جديدة للحوار، ويضع أسساً لوقف التصعيد، بعد سنوات من المواجهة التي هزّت الاقتصاد العالمي وأعادت رسم خريطة التجارة الدولية.
وقال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"، إن الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية لن تنتهي قريبًا، رغم محاولات التهدئة والتفاوض المستمر بين الطرفين، مشيرًا إلى أن الأيام الماضية شهدت مناوشات جديدة بين القوتين العظميين تعكس عمق الصراع الاستراتيجي بينهما.
هجمات سيبرانية متبادلة بين واشنطن وبكين
وأوضح النحاس أن الولايات المتحدة شنت هجومًا سيبرانيًا استهدف أنظمة التشغيل في الصين، وهو ما ردّت عليه بكين بضربة مضادة أصابت شبكات المعلومات، وأثرت على كبرى الشركات والمطارات الأمريكية، في مؤشر واضح على أن "الحرب التكنولوجية أصبحت ساحة جديدة للمواجهة بين الجانبين".
صراع وجودي على الهيمنة الاقتصادية
وأضاف الخبير الاقتصادي أن هذه الحرب ليست مجرد صراع تجاري أو تقني، بل هي صراع وجود بين قوتين كل منهما يسعى إلى إضعاف الآخر والقضاء على نفوذه العالمي، موضحًا أن "الأمريكيين ينظرون إلى الدين الصيني المتصاعد باعتباره تهديدًا مباشرًا لمكانة الدولار كعملة مهيمنة على الاقتصاد العالمي، في حين ترى الصين أن الدولار أصبح شبحًا يهدد استقرارها الاقتصادي، ولذلك يتحرك الطرفان بحذر شديد ويحسُبان خطواتهما بدقة".
ترامب يعيد رسم التحالفات لصالح واشنطن
وأشار النحاس إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يسعى لإعادة رسم التحالفات الاقتصادية لصالح واشنطن، موضحًا أنه "مدّ يده إلى الأرجنتين والبرازيل، وهما من دول مجموعة “البركس”، في محاولة لتجنيدهما لخدمة المصالح الأمريكية، تمامًا كما فعل مع الهند سابقًا"، مضيفًا أن ذلك يعكس رغبة ترامب في تفكيك وحدة الدول المنافسة لبلاده من الداخل.
صراع الأفيال والتنانين
كما لفت إلى أن ترامب شارك في اجتماع مجموعة “الأفيال”، وهو اختيار استراتيجي صيني يهدف إلى تعزيز نفوذ بكين، مشيرًا إلى أن ترامب يسعى حاليًا للاجتماع مع الرئيس الصيني نفسه، في محاولة لإعادة ترتيب أوراق اللعبة الاقتصادية.
وشبّه النحاس المشهد العالمي بقوله: "أمريكا أشبه بفيلٍ رشيقٍ يدوس الجميع بخفةٍ ودهاء، بينما الصين تنينٌ ينفث النار لكنه بطيء الحركة"، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة تعتمد على المرونة والاختراق الاقتصادي السريع، في حين تتحرك الصين بثقلٍ وحرصٍ بسبب اعتمادها الكبير على سلاسل الإمداد العالمية.
الصين مصنع العالم.. وأمريكا تملك الاستقلال
واختتم النحاس تحليله بالتأكيد على أن الصين "هي مصنع العالم وليست مجرد مورد للمواد الخام"، ولذلك فهي لا تستطيع أن تعزل نفسها عن الاقتصاد العالمي، لأن أي حصار اقتصادي شامل عليها سيصيبها بالشلل، على عكس الولايات المتحدة التي تمتلك بنية داخلية قوية تسمح لها بقدر أكبر من الاستقلال الاقتصادي.
الحرب التجارية بين أمريكا والصين لن تنتهي في الوقت القريب
أكد الدكتور أحمد خطاب، الخبير الاقتصادي، أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين لن تنتهي في الوقت القريب، مشيرًا إلى أن البلدين يمثلان أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، وكل منهما يسعى لفرض هيمنته على النظام الاقتصادي العالمي.
وقال خطاب في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، إن أجندة الاجتماع بين الرئيسان هو متفق عليه بنسبة 70% قبل اللقاء، ولكن لا نستطيع أن نحلل القمة قبل اللقاء، واعتقد أن الحرب التجارية بين البلدين سوف تنتهي، وخاصة وأن الشركات الأمريكية سوف تتأثر بالرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين.
صراع استراتيجي شامل يمتد إلى مجالات التكنولوجيا والطاقة
وأوضح أن “ما يجري بين واشنطن وبكين ليس مجرد خلافات تجارية أو سياسية، بل هو صراع استراتيجي شامل يمتد إلى مجالات التكنولوجيا والطاقة والتمويل وسلاسل الإمداد العالمية”، متوقعًا أن الصين لا تريد في الوقت الحالي زعامة العالم وأنها تفضل أن تكون القوة الثانية عالميا .
وأضاف الخبير الاقتصادي أن الاقتصاد العالمي كله يتأثر بهذا الصراع، حيث تزداد تقلبات الأسواق المالية وأسعار الطاقة والسلع الأساسية، كما تتراجع حركة التجارة الدولية بفعل الرسوم الجمركية والعقوبات المتبادلة.
إضعاف النفوذ الصيني
وأشار الدكتور أحمد خطاب إلى أن واشنطن تسعى من خلال سياساتها إلى إضعاف النفوذ الصيني والحد من توسع بكين في الأسواق العالمية، بينما ترد الصين بمحاولات تعزيز تحالفاتها الاقتصادية مع دول كبرى مثل روسيا والهند والبرازيل، ما يعكس انتقال الصراع من مرحلة الحرب التجارية إلى حرب اقتصادية عالمية متعددة الأطراف.
واختتم الخبير الاقتصادي تصريحاته بالتأكيد على أن هذه المواجهة “لن يكون فيها منتصر حقيقي”، لأن استمرارها يهدد الاستقرار المالي العالمي، مشددًا على أن الحل الوحيد يكمن في تغليب لغة المصالح المشتركة والحوار الاقتصادي بدلاً من سياسات الهيمنة والانغلاق.