ما أسباب ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج؟.. تفاصيل
شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال عام 2025 قفزة غير مسبوقة، وُصفت من قبل البنك المركزي المصري بأنها «طفرة كبيرة»، بعد أن بلغت 26.6 مليار دولار خلال أول ثمانية أشهر من العام، مقابل 18.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، بنسبة ارتفاع بلغت 47.2%.
هذا النمو اللافت في التحويلات، التي تُعد أحد أهم مصادر العملة الصعبة في مصر، أثار اهتمام الخبراء الاقتصاديين والمراقبين، الذين أرجعوا الزيادة إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسات النقدية التي اتبعتها الدولة مؤخرًا.
اختفاء السوق الموازية للدولار
يرى الخبير الاقتصادي وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أن القضاء على السوق السوداء للعملات الأجنبية كان العامل الأبرز وراء هذه الزيادة.
بعد تحرير سعر الصرف في مارس 2024، اختفت الفجوة السعرية بين السوق الرسمية والموازية، مما شجع المصريين بالخارج على تحويل أموالهم عبر القنوات البنكية الرسمية بدلًا من السوق غير القانونية.
ويضيف جاب الله أن هذا التطور طبيعي ومتوقع في ظل سيطرة البنوك على تداول العملات الأجنبية، حتى من دون تقديم الحكومة أي مبادرات جديدة للمغتربين خلال الفترة الأخيرة.
ارتفاع دخول المصريين بالخارج
من بين الأسباب أيضًا تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية وارتفاع دخول العاملين المصريين في عدد من الدول العربية والأجنبية، خاصة مع تعافي قطاعات مثل الطاقة والبناء والخدمات في الخليج وأوروبا.
ويشير الخبراء إلى أن زيادة دخول المصريين بالخارج انعكست مباشرة على حجم تحويلاتهم إلى الداخل لدعم أسرهم أو الاستثمار في مشروعات محلية.
سياسات نقدية أكثر استقرارًا
وفق تصريحات البنك المركزي المصري، فقد سجلت التحويلات ارتفاعًا على المستوى الشهري، حيث بلغت 3.5 مليار دولار في أغسطس الماضي مقابل 2.6 مليار دولار في الشهر نفسه من العام السابق، بزيادة 32.6%.
ويربط الاقتصاديون هذا التحسن باستقرار السياسة النقدية وتعافي القطاع المصرفي بعد سنوات من الضغط على العملة الأجنبية.
كما ارتفع احتياطي النقد الأجنبي في مصر إلى 49.5 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2025، وهو أعلى مستوى منذ سنوات، مما ساعد على استقرار سعر صرف الجنيه المصري وتقليص معدلات التضخم.
مبادرات سابقة للمغتربين
رغم أن الحكومة لم تطلق مبادرات جديدة مؤخرًا، فإن مبادرات سابقة مثل «بيت الوطن» و«تسهيل استيراد السيارات للمصريين بالخارج» ما زالت تؤثر إيجابيًا على ثقة المغتربين في التعامل مع الجهاز المصرفي المصري.
وتُعد هذه المبادرات من أدوات جذب التحويلات الدولارية الرسمية وتعزيز ارتباط المصريين بالخارج بالاقتصاد الوطني.
روافد اقتصادية داعمة
ويشير أستاذ الاستثمار محمد الشوادفي إلى أن ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج يأتي ضمن طفرة أوسع في مصادر النقد الأجنبي، تشمل السياحة وزيادة الصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهي جميعها عوامل تعوّض جزئيًا تراجع إيرادات قناة السويس المتأثرة بالأوضاع الجيوسياسية في البحر الأحمر.
