كيف تستقبل شهر جمادى الأول 1447؟.. علي جمعة ينصح بـ 6 أمور
كيف تستقبل شهر جمادى الأول 1447؟، سؤال نوضحه من خلال ما ذكره الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر مع دخول أول أيام شهر جمادى الأول.
كيف تستقبل شهر جمادى الأول 1447؟
وقال علي جمعة: «ها قد انتهى ربيعُ الآخر، وقد كان مشايخُنا – رحمهم الله – يحتفلون بمولدِ النبيِّ المصطفى، والحبيبِ المجتبى ﷺ في الربيعين. ونريد أن نستفيد من ميلاد المصطفى ﷺ، وهو الذي أرسله ربُّه رحمةً للعالمين، وهدًى للمتقين، وإمامًا للمرسلين، وخاتمًا للنبيين ﷺ، وأن يكون لنا عبرةً وعِظةً، نعيش حياتَه في حياتِنا، ونعيش هديَه في أنفسِنا.
وتابع: قال أهلُ الله الذين أحبّوا الله فذكروه كثيرًا، وأحبّوا رسولَه فاتّبعوا هديَه وقاموا بسنّتِه: «تصحيحُ البدايات تصحيحِ للنهاياتِ». وإذا أردنا أن نُغيّر من أنفسِنا، فلنبدأ البداياتِ الصحيحة من الآن... هذه اللحظة... وفي كل لحظة، مضيفًا: يستهين كثيرٌ من الناس بما ألِفوه من شرعِ الله تعالى؛ من كثرة تكراره في حياتهم، أو التزامهم به دون أن يعرفوا الحكمةَ منه، أو لأنهم قد استهانوا به إذ حوّلوه من عبادةٍ إلى عادةٍ، فتفلتُ منّا البداياتُ فتضيع منّا النهاياتُ.
كيف تستقبل شهر جمادى الأول 1447؟
وأكمل: صحّحوا البدايات؛ فيجب علينا أن نُصحّح الوضوء. وكثيرٌ من الناس يتعجّب: ما بالُ الوضوء؟ ونُجيبه بكل بساطة: «تصحيحُ البدايات تصحيحِ للنهاياتِ».
ولذلك نرى السيدةَ نَفيسةَ رضي الله تعالى عنها – وكانت من كبار العلماء المتصدّرين – يرجع إليها الإمامُ الشافعي رضي الله تعالى عنه، وهو إمامٌ مجتهدٌ متبوع. فلما انتقل الشافعي قالت، وهي تمدحه غايةَ المدح: «رحم الله الشافعي، كان يُحسن الوضوء». ظنّ بعضُ القاصرين أنها تتعالى بعلمها عليه، وحاشاها؛ فهي من العترة الطاهرة، ومن العلماء العاملين، ومن الأتقياء الأصفياء الذين شهد لهم الناسُ، وألقى الله حبَّهم في قلوبهم. حاشاها أن تتعالى على إمام الأمة ومجتهدها، ولكنها كانت تشير إلى هذا المعنى: «كان رحمه الله تعالى يُحسن الوضوء». وإذا كان يُحسن الوضوء فإنه تُقبل صلاتُه، فيصحّ عملُه، فيرقى عند الله فيُقبَل دعاؤه، فيُخلِص لله فيُقبَل إخلاصُه؛ وحينئذٍ رأينا كيف كان الإمامُ الشافعيُّ بعد مماته نِبراسًا للأمة.
كيف تستقبل شهر جمادى الأول 1447؟
وأضاف: صحّحوا البدايات، فأحسنوا الوضوء؛ فإن إحسانَ الوضوء إنما هو من إحسان العمل. وإذا تعوّد الإنسانُ إحسانَ العمل وعرف معانيَه، فإنه لن يتهرّب ولن يتراخى في عمله ووظيفته، مشيرًا إلى أن الوضوءُ أمرُه سهلٌ يسير، كشأن الشريعة كلّها، لم يفرضه اللهُ حرجًا على المؤمنين ولا عنتًا عليهم، وإنما فرضه من أجل أن يُطهّرَنا في الظاهر، كما أمرنا أن نطهّر أنفسَنا في الباطن؛ فنهانا – سبحانه وتعالى – عن الفحشاء والمنكر.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}. (اغسلوا وجوهَكم) أمرٌ حتمٌ لا بدَّ منه في الوضوء، ولا تصحّ الصلاة إلا بالوضوء، ولا يصحّ الوضوء إلا بغسل الوجه، ولكن فيه إشارة: أن تُقابل الناسَ بوجهٍ طلقٍ، بوجهٍ نظيفٍ، بوجهٍ لا يُخفي حقدًا ولا حسدًا، ولا غلًّا ولا قصورًا ولا تقصيرًا.
وأكمل: النبي ﷺ في مراقي العمل الصالح يقول: «ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلق»، ويقول: «تبسُّمُك في وجهِ أخيك لك صدقة». فانظر إلى المعاني!
قال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ، وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ}. أي: فافهموا بدايتَكم الصحيحة، وصحّحوا البدايات؛ فالأمر ليس أمرَ تطهّرٍ ظاهريّ، ولذلك جعل البدلَ من الماء الترابَ – الذي هو ضدّ الماء – أو من الصعيد الطيّب، على ما اختلف فيه الفقهاء في تفسيرها لغةً، أي: كلّ ما صعد على الأرض من طيّبٍ، كما يقول الإمام مالك.
وشدد علي جمعة في بيان كيف تستقبل شهر جمادى الأول 1447؟، إذن:
- تصحيحُ البدايات إنما يكون بعدم الاستهانة بأمر الله، وبتعظيم شعائر الله، وبتعلُّم العلم النافع، وبترك سفاسف الأمور.
- تصحيحُ البدايات يكون بإحسان الوضوء، والذي هو من إحسان العمل.
- تصحيحُ البدايات في الخُلق مع الله إنما يأتي بالرحمة، فإنه: (من لا يَرْحم لا يُرْحم).
- تصحيحُ العلاقة التي بيننا وبين أنفسِنا إنما يكون بالكرم والعطاء.
- تصحيحُ البدايات إنما يتمّ بتصحيح النيّات.
- تصحيح البدايات لا يقف عند حدّ الطهارة الظاهرة، بل يشمل كلّ شأنٍ من شؤون الحياة.


