عاجل

الليلة الختامية لـ مولد الإمام الحسين اليوم.. هل الاحتفال بدعة وحكم شد الرحال؟

مولد الإمام الحسين
مولد الإمام الحسين

تختتم اليوم احتفالات الطرق الصوفية بمولد الإمام الحسين 2025، حيث مسجده بحي الحسين بوسط القاهرة، بعد أسبوع كامل من الاحتفالات والإنشاد الديني.

هل الاحتفال بمولد سيدنا الحسين بدعة؟

قال الشيخ محمود الطحان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن من يقول إن الاحتفال بمولد سيدنا الحسين أو بأيٍّ من آل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعة أو مخالف للسنة، فهو مخطئ في فهمه، لأن هذا الاحتفال هو تعبير عن المحبة والولاء لآل بيت النبي.

وأوضح أمين الفتوى، أن البعض يرى أن في ذلك مبالغة في الحب، ونحن نقول نعم، نحن نبالغ في الحب، ولذلك نحتفل، لأن حب آل البيت عبادة ومودة أمرنا الله بها.

وأكد الشيخ محمود الطحان أن الاحتفال بمولد سيدنا الحسين عليه السلام، وكذلك موالد آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، أمر مستحب، بل هو واجب على من يحبهم أن يُظهر فرحته بذكراهم العطرة.

وأضاف أن الدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي»، موضحًا أن التمسك بعترة النبي ومحبّتهم هو جزء من الدين، يهدي إلى الخير والنور والهداية.

وتابع أمين الفتوى أن هناك روايتين للحديث؛ الأولى بلفظ «كتاب الله وسنتي»، والثانية «كتاب الله وعترتي»، وكلاهما صحيح في الدلالة على وجوب التمسك بالوحي ومودة آل البيت، مؤكدًا أن حب آل البيت والاحتفال بذكراهم من تمام الدين وتمام الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم.

هل من يطلب شيئًا من سيدنا الحسين أو السيدة زينب يُعد كافرًا؟

في حين، قال الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إنه لا يجوز التسرع في تكفير أي مسلم لمجرد أنه تلفظ بعبارة أو فعل ظاهرها مخالف، كمن يطلب حاجة من سيدنا الحسين أو السيدة زينب، مشيرًا إلى أن كثيرًا من هؤلاء الناس يفعلون ذلك بدافع المحبة والعاطفة، أو بسبب الجهل، وليس عن إنكار لعقيدة أو خروج عن الدين.

وأوضح، أن هناك قاعدة مهمة في العقيدة ذكرها الإمام الطحاوي في كتابه العقيدة الطحاوية، وهي أن “المسلم لا يخرج من الدين إلا بجحد ما أدخله فيه”، أي لا يُحكم على شخص بالكفر إلا إذا جحد الشهادتين أو أنكر شيئًا من الدين جحودًا قلبيًّا.

وأضاف أن الكفر محله القلب، وليس مجرد اللسان، مستدلًا بما ورد في قصة سيدنا عمار بن ياسر رضي الله عنه عندما أُكره على النطق بكلمة الكفر، فأنزل الله تعالى قوله: «إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان»، فبرّأه القرآن الكريم رغم لفظه بتلك الكلمة تحت الإكراه.

وبيّن أستاذ الفقه أن مجرد التلفظ بعبارة ظاهرها الكفر لا يُوجب الحكم بالكفر، لأن القلوب لا يعلم ما فيها إلا الله، مؤكّدًا أن الحكم بالكفر من اختصاص القضاء الشرعي فقط، وليس للأفراد أو العامة أن يصدروا مثل هذه الأحكام.

وشدد الدكتور هاني تمام على أن التكفير حكم قضائي وليس حكمًا شخصيًا، لأن عليه تترتب أحكام شرعية خطيرة لا يجوز لأحد أن يتولاها إلا القاضي، داعيًا إلى التريث، وحسن الظن، وتعليم الناس أمور دينهم بالحكمة والموعظة الحسنة بدلًا من التشدد في إطلاق الأحكام.

هل شدّ الرحال لزيارة مساجد آل البيت مخالف للسنة؟

كما قال الدكتور هاني تمام، إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» من الأحاديث التي فُهمت على غير مقصدها عند بعض الناس، مشيرًا إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقصد بهذا الحديث النهي عن السفر أو زيارة الصالحين وآل البيت.

وأوضح الدكتور تمام، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، أن المقصود بالحديث هو شد الرحال بغرض الصلاة وطلب الثواب المضاعف، أي أن الصلاة في سائر المساجد متساوية في الأجر، إلا في هذه المساجد الثلاثة التي خصها النبي بفضل مضاعفة الثواب، مستدلًا بما ورد عند الإمام أحمد في رواية مقيِّدة للحديث: «لا تُشد الرحال لمسجدٍ تُبتغى الصلاة فيه إلا إلى الثلاثة مساجد».

وبيّن أن الحديث خاص بالصلاة فقط، وليس عامًا في كل أنواع السفر، موضحًا أنه لو فُهم الحديث على عمومه لما جاز للإنسان أن يسافر لزيارة والديه، أو لطلب العلم، أو للعلاج، أو للعمل، لأن ذلك كله يستلزم شدّ الرحال، وهو ما يتنافى مع مقصود الشريعة التي حضّت على صلة الرحم وطلب العلم والسعي في مصالح الناس.

وأكد أستاذ الفقه أن شدّ الرحال لزيارة المقامات الشريفة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، كسيدنا الحسين أو السيدة زينب أو السيدة نفيسة، ليس مخالفًا للسنة، لأن المقصود من الزيارة هو المحبة والتبرك والدعاء، وليس طلب الثواب في الصلاة كما هو الحال في المساجد الثلاثة.

وأضاف الدكتور هاني تمام أن الفقهاء قرروا قاعدة مهمة في فهم السنة، وهي أن الأحاديث لا تُفهم منفصلة عن بعضها، بل تُجمع رواياتها ليُعرف مقصود النبي منها، مشيرًا إلى قول العلماء: «الحديث إذا لم تُجمع طرقه لم يظهر فقهه».

وقال: “النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ عن زيارة القبور ولا عن زيارة آل البيت، بل أوصى بها لما فيها من تذكير بالآخرة وصلة بالمحبين الصالحين، وإنما الحديث خاص بثواب الصلاة، وليس نهيًا عن الزيارة أو شد الرحال للمحبة والاتصال الروحي بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم”.

تم نسخ الرابط