"التمسح بالقبور تحت اسم التبرك".. عبدالله رشدي ينتقد أفعال الصوفية

علّق الداعية عبدالله رشدي على من يقومون بزيارة المقامات والتمسح بالقبور تحت مسمى التبرك، مؤكدًا أن هذا السلوك لا ينتمي إلى صفات الإسلام، مشددًا على أن العبادة في الإسلام لا تتطلب وجود أي واسطة بين العبد وربه، وأن العِلاقة بين الإنسان والله مباشرة وخالصة دون الحاجة إلى وسطاء أو رموز.
عبدالله رشدي ينتقد أفعال الصوفية
وقال رشدي في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على منصة إكس: قوم يريدون أن يجعلوا دين الله عبارةً عن التمسح بالقبور تحت اسم التبرك، ويبيحون السجود للقبور تحت اسم تحية الولي، ويستحبون الصلاة عند الأضرحة بدعوى أن الصلاة عند الضريح أكثر بركةً، ويبيحون الرقص والطبل والزمر مع ذكر الله تحت اسم الحب والحال، ويحاربون من أجل أن يغرسوا في عقول الناس مشروعية التوجه للموتى لطلب الحاجات منهم بدلا من طلبها من الله! ثم من أنكر عليهم هذه الخزعبلات؛ غضبوا منه! فبالله عليكم؛ هل جاء نبينا بهذا العبث!؟ ومنذ متى ودينُ الإسلام يصنع وساطةً في العبادة بين العبد وربه حتى يضطر العبد لسؤال الميت صاحب الضريح بدلاً من سؤال الله!؟ لا واسطة في العبادة بينك وبين الله، بمعنى أنك لابد أن تتوجه مباشرةً إلى الله، لا إلى ولي ولا إلى ميت. والحمد لله أن ضجَّ الناس بفعالكم وصار الخلق من كل مشربٍ ينشرون نصوص الأئمة في تقبيح هذه الأفعال. فاللهم أحينا على السنة وأمتنا عليها موحدين بك غير مبدلين ولا مفرطين.
السيد أحمد بن علي بن يحيى البدوي الحسيني الفاسي أحد أعلام التصوف الإسلامي وركيزة من ركائز الروحانية في مصر والعالم العربي والإسلامي. وُلد بمدينة فاس المغربية عام 596 هـ / 1199 م لأسرة حسينية شريفة تنتسب إلى الإمام علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنهما، وهاجر مع أسرته إلى مكة المكرمة حيث نشأ في بيئة دينية نقية تزدان بحب الله ورسوله، فحفظ القرآن الكريم صغيرًا، وتشرب علوم الشريعة والتصوف حتى صار من كبار العارفين بالله.
قبلة الروحانيين
ارتحل إلى في شبابه إلى العراق حيث تتلمذ على يد كبار مشايخ القوم، ثم استقر به المقام في مدينة طنطا المصرية، التي أصبحت قبلة للروحانيين ومحبي آل البيت من شتى بقاع الأرض، واتخذ من زواياه منارةً للذكر والعبادة والإصلاح، وبثّ فيها روح التآخي والإيمان.
لقّب الإمام البدوي بـ "الشيخ أبو الفتيان" و"السيد البدوي" و"السطوحي"، وعرف بصفاء روحه وكراماته التي تناقلتها الألسنة جيلاً بعد جيل، حتى غدا رمزًا للتقوى والجهاد الروحي، ومثالًا للمجاهد الصامت الذي أحيا القلوب بسكونه، وجمَع الناس على كلمة الحق والمحبة.
الطرق الصوفية الكبرى
وأسس طريقته المعروفة باسم الطريقة الأحمدية أو البدوية، وهي من الطرق الصوفية الكبرى التي امتدت في مصر والمغرب والشام والسودان، وتستمد منهجها من الكتاب والسنة، وتقوم على تزكية النفس ومجاهدة الهوى وخدمة الخلق، فكان لها دور بارز في نشر الأخلاق والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
رحل الإمام السيد أحمد البدوي إلى جوار ربه عام 675 هـ / 1276 م، ودُفن في مسجده بمدينة طنطا، الذي بات مزارًا عظيمًا ومهوى أفئدة الملايين من الزائرين في مولده السنوي، الذي يعد من أكبر وأعرق الموالد في العالم الإسلامي، ومناسبة تتجلى فيها قيم المحبة والوحدة والتسامح التي دعا إليها الإسلام.
وبعد مرور أكثر من سبعة قرون على رحيله، يظل مولد السيد البدوي رمزًا للتآلف والتراحم، وملتقى لأبناء الوطن الذين يجتمعون على حب آل البيت، وتجسيدًا حيًّا للإسلام الوسطي الذي يُعلي من شأن العمل الصالح والنية الخالصة، بعيدًا عن الغلو والتشدد. وبرغم كل محاولات التشويه التي يسعى أصحاب الفكر المتشدد إلى بثها في المجتمع، تبقى الحقيقة واضحة جلية: أن التصوف الأصيل هو الحارس الأمين لقيم الدين ووسطية الإسلام، وصوت الحق باقٍ لا يخبو نوره مهما تعالت الأصوات الزائفة.