خبير: رفع سعر الوقود خطوة استراتيجية وحماية محدودي الدخل عبر عدة إجراءات
خبير: رفع سعر الوقود خطوة استراتيجية وحماية محدودي الدخل عبر عدة إجراءات

قال الدكتور علي عبدالحكيم الطحاوي، المتخصص في الشؤون السياسية والاقتصادية، إن قرار الحكومة برفع أسعار الوقود لا يمكن النظر إليه كإجراء اقتصادي منفصل، بل يأتي ضمن رؤية استراتيجية أشمل تستهدف تعزيز الاستقرار المالي واستدامة النمو الاقتصادي، في ظل تحديات عالمية متزايدة.
رفع أسعار الوقود
وقال الطحاوي، في تصريح خاص لـ «نيوز رووم»، إن الضجة التي صاحبت القرار مؤخرًا تعكس الحاجة لنقاش أعمق يتجاوز ردود الفعل السريعة، لفهم ما يدور من تغيرات حقيقية في بنية الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن الدولة تنفذ سياسة اقتصادية متكاملة تشمل إصلاحات هيكلية وتوسعات تنموية غير مسبوقة.
وأوضح أن السنوات العشر الماضية شهدت تحولات جذرية في البنية التحتية والطاقة، حيث نجحت الحكومة في توصيل الغاز الطبيعي إلى ملايين المنازل، خصوصًا في الريف، ضمن مشروعات قومية كبرى أبرزها مبادرة "حياة كريمة"، إلى جانب إنشاء مدن ذكية مثل العاصمة الإدارية والعلمين والجلالة، وهو ما يعكس اتجاهًا واضحًا نحو التنمية المستدامة وتوظيف التكنولوجيا في خدمة المواطن.
وأشار إلى التطور الكبير في قطاع الصناعة، حيث تضاعف عدد المصانع خلال السنوات الأخيرة نتيجة تحسن بيئة الاستثمار وتوفير الطاقة اللازمة، مقارنة بفترات سابقة شهدت عجزًا واضحًا في الإنتاج وتعطلًا في التشغيل، مضيفا أن "ما نشهده من زيادة في عدد السكان، وارتفاع معدلات استهلاك الغاز والكهرباء، ونمو القطاع الصناعي، أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في الطلب المحلي على الطاقة"، مؤكدًا أن هذا هو السبب الرئيسي وراء تحوّل مصر من دولة مُصدّرة للغاز إلى دولة مستوردة له، رغم الاكتشافات الكبيرة مثل حقل ظهر.
الإصلاح الاقتصادي
وشدد على أن قرار رفع أسعار الوقود ليس قرارًا سهلاً، بل هو جزء من خطة طويلة المدى تهدف إلى ترشيد الدعم وتوجيهه لمستحقيه، وتحقيق التوازن بين موارد الدولة واحتياجات المواطن. وأضاف: "مصر في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي تسير بخطى ثابتة نحو المستقبل، وهذا يتطلب وعيًا مجتمعيًا بأن الإصلاح ليس طريقًا سهلاً، لكنه السبيل الوحيد لبناء دولة قوية قادرة على حماية المواطن وتأمين مستقبله".
وطالب الطحاوي الحكومة بعدد من الإجراءات لحماية الفئات الأقل دخلًا، منها: تقديم ضمانات بعدم رفع أسعار الوقود مرة أخرى على المدى القريب، وربط الأسعار بالسوق العالمي للبترول، بما يحقق الشفافية، ورفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات بما يتناسب مع معدلات التضخم، ومراجعة بنود الإنفاق الحكومي دون الإضرار بالخدمات الأساسية. زيادة الرقابة على الأسواق لمنع التلاعب بالأسعار، ودعم وسائل النقل العامة، خاصة في المناطق الريفية، وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية وزيادة الدعم النقدي. تثبيت أسعار السلع الأساسية مؤقتًا لتقليل الأثر المباشر لرفع الوقود.
ودعا الطحاوي المواطنين، خاصة محدودي الدخل، إلى التكيّف مع الواقع الاقتصادي الجديد من خلال تطوير الذات، وتحسين مهاراتهم، وترشيد الإنفاق، مشددًا على أن المواطن شريك أساسي في رحلة بناء الوطن، كما أن النتائج الإيجابية لهذا القرار لن تظهر فقط في السعر المباشر للبنزين أو السولار، بل في صورة تنمية أكثر عدالة، وتوزيع أمثل لموارد الدولة، بشكل يحقق الاستدامة ويضمن حياة أفضل للأجيال القادمة.