عاجل

القروض الشخصية تستحوذ على 77.6% من التمويلات البنكية

خبراء : زيادة الإقراض تعكس الثقة لكنها تحتاج رقابة لتجنب التضخم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في تحول لافت داخل خريطة الائتمان المصرية، كشفت بيانات حديثة أن القروض الشخصية استحوذت على نحو 77.6% من إجمالي التمويلات البنكية بنهاية مارس الماضي، في وقت تتوسع فيه البنوك في تمويل الأفراد بشكل غير مسبوق، مدعومة بالتحول الرقمي ونمو الشمول المالي، ما جعل المواطن المصري المحرك الرئيسي لحركة الائتمان.

ويرى خبراء مصرفيون أن هذا الارتفاع الكبير يعكس ثقة المواطنين في الجهاز المصرفي واستقراره المالي، لكنه في الوقت ذاته يتطلب رقابة دقيقة وإدارة رشيدة لضمان استدامة التوسع في الإقراض دون التأثير على الاستقرار النقدي أو رفع معدلات التضخم.

واضحوا في في تصريحات صحفية لموقع «نيوز رووم» أن القروض الشخصية أصبحت اليوم إحدى الدعائم الأساسية لدعم القوة الشرائية وتنشيط الأسواق، مشيرين أنها تلعب دوراً مهماً في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الإنفاق الاستهلاكي، خاصة في فترات ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للأسر.

 خلق أدوات تمويل مرنة تناسب مختلف الشرائح

وأضافوا أن البنوك نجحت في خلق أدوات تمويل مرنة تناسب مختلف الشرائح، مدعومة بجهود التحول الرقمي والشمول المالي التي سهّلت عمليات الحصول على التمويل وخفّضت الإجراءات التقليدية المعقدة، لافتاً إلى أن البنوك باتت تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا المالية في تقييم الجدارة الائتمانية وتتبع سلوك العملاء لتقليل معدلات التعثر وتحسين جودة محافظها الائتمانية.

وفي سياق متصل قال محمد عبد المنعم، الخبير المصرفي، إن القروض الشخصية أصبحت أحد أهم محركات الطلب المحلي، مشيراً إلى أن التوسع في هذا النوع من التمويلات يعكس توجه البنوك لتلبية احتياجات المواطنين المعيشية وتخفيف الأعباء الاقتصادية عنهم. وأوضح أن الإقبال المتزايد على القروض الشخصية جاء نتيجة تحسن الثقة بين المواطن والبنوك، وتبسيط إجراءات الحصول على التمويل بفضل التحول الرقمي، إلى جانب المنافسة بين البنوك التي جعلت منتجات القروض أكثر تنوعاً ومرونة في السداد.

وأضاف عبد المنعم أن القروض الشخصية ساهمت في تحريك الأسواق وتنشيط الطلب الداخلي، ما دعم نمو الاقتصاد في فترات التباطؤ، لكنه حذر في الوقت نفسه من أن الاعتماد المفرط على الائتمان الاستهلاكي قد يؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية إذا لم يصاحبه نمو مماثل في الإنتاج.

وأكد أن الحل يكمن في تحقيق التوازن بين التمويل الموجه للاستهلاك وتمويل القطاعات الإنتاجية، بحيث يظل الائتمان أداة للنمو الاقتصادي الحقيقي وليس مجرد وسيلة لزيادة الإنفاق فقط.

ومن جانبه، قال محمد عبد العال، الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة أحد البنوك، إن القروض الشخصية باتت دعامة رئيسية للحركة الاقتصادية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة واعتماد العديد من الأسر على التمويل لتغطية الاحتياجات اليومية.

وأوضح أن البنوك المصرية نجحت في استخدام التكنولوجيا المالية لتوسيع قاعدة العملاء وتسهيل إجراءات الإقراض، وهو ما رفع حجم التمويلات الشخصية إلى مستويات غير مسبوقة، لافتاً إلى أن الجهاز المصرفي يتمتع بسيولة قوية ونظام رقابي فعال يضمن سلامة عمليات الإقراض واستقرار القطاع المالي.

وأشار عبد العال إلى أن الاعتماد المتزايد على القروض الشخصية يجب أن يصاحبه تطبيق صارم لمبدأ “الإقراض المسؤول”، الذي يقوم على دراسة دقيقة لقدرة العميل على السداد، مع وضع حدود واضحة لنسبة الدين إلى الدخل، لتفادي أي ارتفاع في معدلات التعثر.

وشدد على أهمية أن تستمر البنوك في توجيه جزء من مواردها لتمويل المشروعات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة، لأنها تمثل قاعدة الاقتصاد الحقيقي وتخلق فرص عمل جديدة تسهم في استقرار السوق وتحسين مستويات الدخل.

وأكد الخبير المصرفي أن التحول الرقمي في الخدمات البنكية يمثل فرصة لتطوير أدوات رقابة أكثر دقة على جودة الائتمان ومتابعة سلوك العملاء، مشيراً إلى أن استمرار التوسع في الإقراض يجب أن يكون مصحوباً بإستراتيجية مصرفية متكاملة تهدف لتحقيق النمو دون الإضرار بالاستقرار النقدي أو رفع معدلات التضخم.

وأكد على أن القروض الشخصية أصبحت مكوناً رئيسياً في المنظومة التمويلية داخل مصر، وأن نجاح البنوك في إدارتها سيحدد مدى قدرتها على تحقيق التوازن بين دعم المواطنين والمحافظة على الاستقرار المالي، مؤكدين أن المرحلة المقبلة تتطلب إدارة رشيدة للائتمان ومتابعة دقيقة لآثاره على الاقتصاد الكلي وسلوك الاستهلاك المحلي.

تم نسخ الرابط