مليونية في حضرة البدوي.. مطالب صوفية بالتحقيق مع «الهلالي» وهذا سر التزاحم

حملت الساعات القليلة الماضية حالة غضب واستياء بين أتباع الطرق الصوفية؛ خاصة مع تصريحات الدكتور سعد الهلالي، أستاذ الفقه المقارن حول مولد السيد البدوي، حيث أشار إلى أن الاحتفال بمولد الشيخ البدوي يجب أن يكون ضمن الإطار الديني الصحيح.
الهلالي يثير غضب الصوفية
«الهلالي» شدد على ضرورة عدم المبالغة في التقديس أو التعلق بالأشخاص، وأن الهدف هو تعزيز القيم الروحية وليس التمسك بالبشر الذين رحلوا منذ قرون، مضيفًا خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “ الحكاية ”، عبر فضائية" إم بي سي مصر"، يعني حضرتك لو ساعدت عليه يبقى بتساعد على الأمية وانهم يتعلقوا بالبشر… الراجل ده مات من مئات السنين".

الاحتفال بمولد الأولياء لا ينبغي أن يتحول إلى عبادة البشر
وأضاف أن الاحتفال بمولد الأولياء لا ينبغي أن يتحول إلى عبادة البشر أو التعلق الزائد بالشخصيات التاريخية، مشيراً إلى أن هذا التعلق يتناقض مع التعليم الديني الصحيح الذي يحث على التمسك بالعلم والعمل وليس بالشعائر الشكلية أو التقليدية.
وشدد على أن الاحتفال بمولد السيد البدوي وغيره من الموالد الشعبية يجب أن يظل في نطاق التقدير التاريخي والثقافي دون الانزلاق إلى ما وصفه بـ"التقديس الزائف للأشخاص".
مطالب صوفية بالتحقيق مع الهلالي
هجوم «الهلالي» حسبما رأه الصوفية حمل البعض للمطالبة بالتحقيق معه أمام الجهات المعنية وتقديم نسخة مما ذكره خلال برنامج الحكاية، وتبارى البعض للرد عليه وعلى عمرو أديب مقدم البرنامج وتعجبهم من مليونية المريدين في الليلة الكريمة لمولد السيد البدوي والتي أحياها أمس الشيخ ياسين التهامي.
ما هو سر التزاحم على زيارة البدوي؟
وكتب الشيخ السيد شلبي أحد علماء الأزهر والتصوف قائلًا في بيان : السر في تزاحم البشر على زيارة سيدي أحمد البدوي - رضي الله عنه - في مولده: يقول سيدي أحمد حجاب فى كتابه : {العظة والاعتبار في حياة السيد البدوي الدنيوية والبرزخية} والمطبوع بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية: "إن هذا المعترض لو علم البواعث الحقيقية على ارتباط القلوب بسيدي أحمد والأسباب التي تحمل الناس على اعتقادهم فيه لأراح واستراح، فليعلم أن هذه البواعث ليست من عمل الناس ولا هي من قوة نفوذ سيدي أحمد ولا من عمل يده ولا هى نتيجة ظاهرة أو مستترة استطاعت أن تجمع ملايين البشر على حبه واعتقاده على رغم تفرقهم في أنحاء الدنيا وأرجاء المعمورة، ولكنها آثار أنوار الذات المقدسة التي امتلأ بها قلب هذا الولى الكبير وامتزجت بها روحه وانمحت فيها هويته».
وتابع: «فأنوار معرفة الحق إذا قذف الله بها في قلب ولي انفتحت لهذا الولي القلوب النيرة، وأجمعت على محبته واحترامه - إلا من طرد ربك - وهرعت إليه وأقبلت بكليتها عليه حنينا من نور إيمانها إلى نور أقوى إضاءة وأقرب إلى أصله فهو تواصل قهري وتجاذب روحي عبر عنه الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير بقوله : " إن نور معرفة الله مخدوم ففى أي قلب حضر صار ذلك الإنسان مخدوما " . وقال الإمام الرازي أيضا: " إن الكمال محبوب لذاته لا لغيره وكل من اتصف بصفة الكمال صار محبوبا لكل أحد" ثم قال: " ولا كمال للعبد أشرف وأغلى من كونه مستغرق القلب بمعرفة الله، مستغرق اللسان بذكر الله، مستغرق الجوارح والأعضاء بعبوديته. فإذا ظهر على العبد أمر من هذا الباب صارت الألسنة جارية بمدحه والقلوب مجبولة على حبه، وكلما كانت هذه الصفات أكثر كلما كانت هذه المحبة أكثر "».
وشدد: جميع المؤرخين وكل الناس أجمعوا على أن سيدي أحمد البدوي قد قضى حياته الطويلة منذ نعومة أظفاره إلى آخر لحظة من حياته مستغرق القلب بمعرفة الله مستغرق الجوارح بعبوديته يغترف من موارد أنوار الذات ويقتبس من معينها ويستمد من فيوضاتها لا ينثنى عن ذلك ولا يحيد فمشاهداته كانت دائمية وجمعيته بالحق كانت أبدية.
الصوفي حر ووطني محب لوطنه
بدوره قال المستشار محمد زكي رئيس محكمة الاستئناف: «أتعجب مِن تعجُّب الأستاذ عمرو أديب من أعداد زائري مولد السيد البدوي هذا العام .. وهل هذا الحدث جديدًا على مولد أبي الفتيان، حدث مكرر ككل عام فما كثرة الأعداد بالأمر الجديد على مولد شيخ العرب، لِم هذا التعجب هذا العام بالذات ، ففي كل عام الأعداد هي الأعداد والزحام هو الزحام» .
وتابع: «لكن .. لماذا لم يستوقفه سلمية هذه الجموع ؟! لماذا لم يرى تلك الوطنية المجسدة المستقرة في نفوس أبناء الطرق الصوفية والتي لم يستغل جمهرتها أي فكر ضال فيخترق هذه الكثرة الكاثرة من خلال دخلائه وعملائه من إثارة المشاغبات أو الدعوة لانقلابات في تلك التجمعات الصوفية، لماذا لم يتساءل انتفاء مجالس التشيع في هذا المولد رغم الافتراءات الموجهة لشخص السيد البدوي واتهامه الكذب بتشيعه؟ عارف ليه؟».
وأكمل: «لأن الصوفي الحق يصعب اختراقه أو استقطابه أو شراءه، رغم أن أكثرهم من الفقراء، لكن الصوفي قد لا يملك قرشاً ولكن أيضا لا يملكه قرشٌ، الصوفي حر من سجن الماديات يطير بروحه في فضاء سماء الغيب الفسيح، الصوفي وطني محب لوطنه، فطن يعرف أين خير بلاده، يرفض خرق السلم يحب الأمن والأمان.
مقولة «مدد يا بدوي»
وشدد: «هو في ذات الوقت على أرقى درجات التوحيد الخالص، ولا ينقص من توحيده مقولة «مدد يا بدوي»، فهي عنده مجرد طلب الدعاء من روح السيد البدوي لاعتقاد الصوفي بل و المسلم الحق أن الروح لا تفنى و انها مدركة ترد السلام على زوارها ، ورد السلام من سنخ الدعاء و المجيب هو الله ولا أحد غير الله و في الحديث { اذا انفلتت ناقة أحدكم في فلاة فليقل : ( يا عباد الله أغيثوني ) فإن لله عبادا لا يرون }. هذه كلمات قليلات تغيب عن أرباب المادة وراغبي الشهرة فلا يتفهمون مع انتفائها عندهم ما عليه أهل الصفاء ممن عمروا الدنيا بأخلاقهم وهانت عليهم الدنيا بملاذاتها الفانية و اتخذوها مركبا للآخرة يحملون عليها حسناتهم للدار الباقية ».
تاريخ التدين الشعبي في مصر
أكد الدكتور أسامة قابيل، وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية وأحد علماء الأزهر الشريف، أن السيد أحمد البدوي يُعد من أولياء الله الصالحين، الذين عُرفوا بالزهد والعبادة والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، مشددًا على أن مقامه وسيرته جزء أصيل من تاريخ التدين الشعبي في مصر.
شخصية السيد البدوي ارتبطت بمحبة الناس لله ورسوله
وقال أسامة قابيل، في بيان رسمي، إن شخصية السيد البدوي ارتبطت بمحبة الناس لله ورسوله ﷺ، ولا يصح تحميل التصوف الأصيل أي مغالطات أو طقوس دخيلة لا تمت له بصلة.
وأشار أسامة قابيل إلى أن التصوف الصحيح يمثل "مقام الإحسان" في الإسلام، وهو أحد أعمدة الدين الثلاثة: العقيدة، الشريعة، والأخلاق، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك». وأضاف: "التصوف هو الوجه العملي للإحسان، يهذّب القلب، ويُصلح النفس، ويجعل المسلم يعيش مع الله بصدق وإخلاص".
التصوف لم يكن يومًا خروجًا عن الشريعة
وشدّد أسامة قابيل وكيل الطرق الصوفية على أن التصوف لم يكن يومًا خروجًا عن الشريعة، بل هو التزام تام بها في أسمى صورها، إذ يربّي الإنسان على الرحمة، والتقوى، والصدق، والعمل الصالح.
وانتقد أسامة قابيل بعض الممارسات التي تسيء إلى التصوف وتشوّه صورته، ومنها "الاستغاثة بالأولياء أو الاعتقاد بقدرتهم على الضر والنفع، أو الطواف بالأضرحة كما يُطاف بالكعبة، والتبرك بطرق غير مشروعة، وممارسة طقوس لا أصل لها كالصيحات والرقص الخارج عن الذكر المشروع". وأكد أن "هذه الأفعال لا تمتّ للتصوف الحقيقي بصلة، بل هي من مظاهر الجهل والغلو التي يجب مواجهتها بالعلم والحكمة".