هل يجوز قول نسيت القرآن؟.. تحذير وتوجيه نبوي يغفله الكثيرون

هل يجوز قول نسيت القرآن؟، سؤال نوضح بيانه من خلال التقرير التالي، حيث هناك تحذير وتوجيه نبوي يغفله الكثيرون عند الحديث عن القرآن، فهل يجوز قول نسيت القرآن؟
هل يجوز قول نسيت القرآن؟
يقول الدكتور جمال الأكشة الأستاذ بجامعة الأزهر: يُكْرَه للمُسْلِمِ أنْ يقولَ نَسِيْتُ آيةَ كذا، بل يقول أُنْسِيتُهَا: روي عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"بِئْسَ ما لأحَدِهِمْ أنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ «يعبر بهما عن الجمل الكثير والحديث الطويل» كَيْتَ وكَيْتَ، بَلْ نُسِّيَ، واسْتَذْكِرُوا القُرْآنَ؛ فإنَّه أشَدُّ تَفَصِّيًا مِن صُدُورِ الرِّجالِ مِنَ النَّعَمِ". أخرجه البخاري، ومسلم.
هل يجوز قول نسيت القرآن؟
جاء في شرح الحديث: قال النووي رحمه الله: "يُكْرَه أن يقول نَسيتُ آية كذا ، أو سورة كذا ، بل يقول أُنْسِيتُهَا ، أو أسقَطْتُهَا".
وتابع: القَرآنُ الكريمُ هو كلامُ اللهِ المقَدَّسُ، والمسلِمُ مُطالَبٌ بأن يقومَ بحِفْظِه ومعرفةِ ألفاظِه ومبانيه ومعانيه؛ فهو طريقُ الهِدايةِ والصَّلاحِ، فينبغي تعاهُدُه والمداومةُ على قراءتِه ومراجعَتِه حتى يَظَلَّ ثابتًا في العَقلِ والقَلبِ.
وبين أنه في هذا الحديثِ يذُمُّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَن يَقولُ: «نَسيتُ آيةَ كَيْتَ وَكَيْتَ»، و(كَيْتَ وَكَيْتَ): لفظٌ يُعبَّرُ به عَنِ الجُملِ الكثيرةِ والكلامِ الطَّويلِ، وسَببُ الذُّمِّ ما في قول: (نَسِيتُ) مِنَ الإشعارِ بعَدمِ الاعتناءِ بالقرآنِ؛ إذْ لا يقَعُ النِّسيانُ إلَّا بتَرْكِ التَّعاهدِ وكثرةِ الغفْلةِ، فلو تَعاهَدَه بتِلاوتِه والقيامِ به في الصَّلاةِ وغيرِها، لَدامَ حِفظُه وتَذكُّرُه، فإذا قال الإنسانُ: نَسيتُ الآيةَ الفلانيَّةَ، فكأنَّه شهِدَ على نفْسِه بِالتَّفريطِ، فيكونُ مُتعلِّقُ الذَّمِّ تَرْكَ الاستذكارِ والتَّعاهُدِ؛ لأنَّه الَّذي يُورثُ النِّسيانَ؛ ولذلك أنكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يقولَ أحدٌ: نَسيتُ آيةَ كَيْتَ وكَيْتَ، وأمَرَ أنْ يُقالَ: «نُسِّيتُ»، يعني: أنَّ اللهَ تعالَى هو الَّذي أنساهُ، ومعناه: أنَّه عُوقِبَ بوُقوعِ النِّسيانِ عليه؛ لِتفريطِه في مُعاهدتِه واستذكارِه، ثُمَّ أَوْصى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِاستذكارِ القرآنِ ومُراجعتِه؛ لأنَّه أشدُّ تَفَصِّيًا، يعني: انفلاتًا «مِنَ النَّعمِ»، أي: مِنَ الإبلِ، والمعنى: أنَّ الإنسانَ إذا لم يُداومِ مُراجعةَ القرآنِ فإنَّه يَنفلِتُ مِنْ صدرِه كما تَهرُبَ الإبلُ إذا فُكَّ وِثاقُها، وهي أسرعُ الحيواناتِ نُفورًا.
ما هي أسباب نسيان القرآن؟
وشدد على أن هَجرُ القُرآنِ من أسبابِ نِسيانِه، وتكونُ عاقبتُه وَخيمةً في الدُّنيا والآخرةِ، وهَجرُ القُرآنِ يَشمَلُ هَجْرَ اللَّفظِ، وهَجْرَ المعنى، وهَجْرَ العمَلِ؛ فقد يكونُ الإنسانُ يتلوه ليلًا ونهارًا في كلِّ آنٍ، ويكونُ هاجرًا له؛ لأنَّه لم يعمَلْ به، وقد يكونُ يَقرَؤه لفظًا ولكِنَّه لا يفهَمُه معنًى، فيكونُ هجرًا؛ لأنَّ الله تعالى قال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29] ، فإذا لم يكن تدَبُّرٌ ولا تذَكُّرٌ فهذا هجْرٌ للقُرآنِ.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على تَعاهُدِ القرآنِ بالتِّلاوةِ والدَّرسِ، والتَّحذيرُ مِن تَعريضِه لِلنِّسْيانِ بإهمالِ تِلاوتِه.