حكم قول "سيدنا" على النبي في الأذان والتشهد في الصلاة.. الإفتاء تجيب

أكَّدت دار الإفتاء المصرية أنَّه لا مانع شرعًا من ذكر لفظ "سيدنا" عند ذِكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان أو التشهد داخل الصلاة، بل إنَّ ذلك مستحبٌ عند كثير من الفقهاء، لما فيه من التوقير والتعظيم والأدب مع مقام النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من علامات محبته الحقيقية التي لا يصح إيمان العبد إلا بها.
وقالت الدار إنَّ الأمر لا يخرج عن نطاق الأدب المشروع الذي أمر الله به عباده، مشيرةً إلى قوله تعالى:﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: 63]،وقوله سبحانه:﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ [الفتح: 9]،
مشيرةً إلى أن كلمة "توقروه" تعني: تسودوه وتكرموه وتعظموه، كما فسرها عدد من المفسرين، كقتادة والسدي وغيرهما.
وأوضحت الفتوى أنَّ إضافة "السيادة" قبل اسمه الشريف ﷺ ليست مخالفة لما ورد في الأذكار والأدعية الثابتة، بل هي زيادة في الأدب والتعظيم لا تتعارض مع الاتباع، بل تؤيده، لأن الله أمر بتوقيره وتعظيمه على كل حال.
واستشهدت الدار بكلام عدد من الأئمة والعلماء، منهم الإمام الحصكفي الحنفي الذي قال في "الدر المختار":"ندب السيادة لأن زيادة الإخبار بالواقع عين سلوك الأدب، فهو أفضل من تركه"، والإمام السيوطي الذي أشار إلى أن النبي ﷺ ترك ذكر السيادة تواضعًا، أما نحن فمأمورون بالتعظيم والتوقير.
كما ذكرت الدار ما قاله العز بن عبد السلام، والعلامة المحلي، والرملي الشافعي، وابن حجر الهيتمي، والطحطاوي الحنفي، والحطاب المالكي، وكلهم رأوا أن ذكر السيادة مستحب حتى في الأذكار داخل الصلاة، مثل التشهد والصلاة الإبراهيمية، فضلًا عن الأذان والإقامة.
وأكدت الدار أن الحديث المشتهر: "لا تُسَيِّدوني في الصلاة" لا أصل له وهو باطل كما قال المحققون من علماء الحديث، وأن التعلل به لا يصح لاتخاذه ذريعة لترك التوقير المشروع لسيد الخلق ﷺ.
كما أشارت الدار إلى أن تقديم الأدب على مجرد الامتثال للنص ورد في عدد من مواقف الصحابة، مثل موقف سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما امتنع عن محو لقب "رسول الله" في صلح الحديبية رغم أمر النبي له بذلك، وكذلك موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما تأخر عن التقدم للإمامة وقال: "ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم على رسول الله ﷺ".
وأكدت دار الإفتاء أن التأدب مع النبي ﷺ أصل من أصول الإيمان، وعليه تُبنى كثير من الأحكام التفصيلية في الشريعة، مشيرة إلى أن العقيدة الإسلامية تجعل من توقيره ﷺ واجبًا شرعيًّا، لا يتعارض مع الألفاظ التعبدية بل يُكمِّلها ويُجمِّلها.
وفي خلاصة الفتوى، شددت دار الإفتاء على أن ما عليه كثير من الفقهاء والمحققين من المذاهب الأربعة هو استحباب ذكر "السيادة" عند ذكر النبي ﷺ في الأذان، والإقامة، والتشهد، وسائر المواطن، لما في ذلك من الأدب والتوقير، وأن هذا هو المختار للفتوى والمعمول به عند أهل التحقيق من العلماء.
وختمت الدار بيانها بالتنبيه على أن حب النبي ﷺ وتعظيمه ليس أمرًا ثانويًّا أو مستحبًا فقط، بل هو أصل من أصول الدين ومفتاح النجاة في الدنيا والآخرة، داعية المسلمين إلى تعظيم نبيهم وتوقيره في الأذكار والألفاظ والأفعال، تعظيمًا يليق بمقامه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم.