سد النهضة يعود للواجهة بعد تحركات أمريكا.. هل تنتهي الأزمة بين مصر وإثيوبيا؟

تشهد أزمة سد النهضة الإثيوبي تصاعدًا جديدًا في وتيرتها السياسية والدبلوماسية، بعدما عادت التصريحات المتبادلة بين القاهرة وأديس أبابا لتحتل صدارة المشهد الإقليمي من جديد.
ففي الوقت الذي تؤكد فيه مصر تمسكها بحقوقها التاريخية في مياه النيل وتحذر من أي إجراءات أحادية جديدة، تواصل إثيوبيا المضي في سياساتها المتعلقة بملء وتشغيل السد دون اتفاق ملزم، ما يعمّق الخلافات ويهدد بعودة التوتر إلى الساحة الأفريقية.
تحركات أمريكية ودولية متجددة لمحاولة كسر الجمود في مفاوضات سد النهضة
وتأتي هذه التطورات في ظل تحركات أمريكية ودولية متجددة لمحاولة كسر الجمود في المفاوضات، وسط تحذيرات من أن استمرار هذا التعقيد قد يقود المنطقة إلى مرحلة غير مسبوقة من الاحتقان المائي والسياسي.
مصر تعلن رفضها القاطع لأي إجراءات أحادية على نهر النيل
وأكد الرئيس السيسي في تصريحات له، أن مصر تؤمن إيمانًا لا يتزعزع بأن الأنهار الدولية لم تُخلق لتكون خطوطًا تفصل بين الأوطان، بل شرايين حياة تنبض بالتكامل وجسورًا من التعاون تربط الشعوب وتوحد المصائر.
ومن هذا المنطلق تعلن مصر رفضها القاطع لأي إجراءات أحادية على نهر النيل تتجاهل الاتفاقات الدولية وتهدد مصالح شعوب الحوض وتقوض أسس العدالة والاستقرار.
اتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي
لقد انتهجت مصر على مدار أربعة عشر عامًا من التفاوض مع الجانب الإثيوبي مسارًا دبلوماسيًا حكيمًا سعت من خلاله للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات، لكن هذه الجهود قوبلت بتعنت يفتقر إلى الإرادة السياسية.
سد الهضة لا يمثل أزمة أو مشكلة لمصر
قال الدكتور عباس شراقي خبير الموارد المائية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث أكثر من مره عن سد النهضة وأتوقع أن يحل ترامب مشكلة سد النهضة خلال الفترة المقبلة.
وأضاف شراقي، في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"، أن سد الهضة لا يمثل أزمة أو مشكلة لمصر في هذا التوقيت وخاصة بعج افتتاحه، لافتا إلي المرحلة الصعبة مرة ومصر تسعى أن تححق اتفاق مع إثيوبيا ولكن السد لا يشكل مشكلة بالنسبة لمصر أو نقص المياه ولكن يجب أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين البلدين وخاصة أن المشكلة لا تقتصر على أزمة سد النهضة فيجب أن سد الهضة لا يمثل أزمة أو مشكلة لمصر .
وأوضح الخبير المائي، أن ما قامت به القيادة السياسية خلال السنوات الماضية حمت المواطن المصري من أزمة نقص المياه، مؤكدًا أن أثيوبيا لم تنجح في إدارة سد النهضة وأكبر دليل ما حدث من فيضان على السودان.
أتوقع أن تكون هناك انفراجة قريبة في أزمة سد النهضة
وتابع: يجب أن تكون هناك مرونة مع السودان لأن الفترة الصعبة في سد النهضة وهي مراحل تخزين المياه ىعلى مدار السنوات الماضية مرت بسلام، والمياه متوفرة وسوف تصل بشكل كبير لمصر والسودان، واتوقع أن تكون هناك إنفراجه قريبة في أزمة سد النهضة .
قال رمضان قرني الخبير في الشأن الأفريقي، إن تصريحات مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية موساعد بولاس يمكن قراءتها في سياق التحركات الأمريكية المتغيرة داخل القارة الأفريقية، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسعى لاستعادة حضورها في ملفات إقليمية معقدة، وكان أخرها وأبرزها امس في قمة شرم الشيخ للسلام، مروراً بمحاولات تحقيق اتفاقات سلام في أذربيجان وأرمينيا، وكذلك التهدئة بين الهند وباكستان.
السد أصبح واقعاً فعلياً على الأرض
وأضاف قرني في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"أن واشنطن تحاول نقل تجربتها في حل النزاعات إلى القارة الأفريقية، عبر دعم جهود الوساطة بين الأطراف المتصارعة، موضحاً أن تصريحات بولاس بشأن سد النهضة تأتي ضمن هذه الاستراتيجية الهادفة إلى احتواء الأزمات الإقليمية، خاصة في ظل تعقّد المشهد السياسي في القرن الأفريقي.
وأكد الخبير في الشأن الأفريقي أن البيئة التفاوضية الحالية لسد النهضة تختلف كثيراً عن مفاوضات 2019 و2020، موضحاً أن السد أصبح واقعاً فعلياً على الأرض، وأن الجانب الإثيوبي يفرض سياسة الأمر الواقع على جميع الأطراف، وهو ما ظهر جلياً في تصريف المياه الأخير والفيضانات التي وصلت إلى السودان ومصر.
وأشار قرني إلى أن الخطاب السياسي المصري الأخير، وخاصة تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، حمل رسائل واضحة تؤكد أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج الإثيوبي غير المسؤول، وأنها تمتلك أدوات دبلوماسية مختلفة للدفاع عن أمنها المائي وحقوقها التاريخية في مياه النيل، كما تمتلك مصر أيضا أدوات خشنة حقيقة، دون أن يعني ذلك التوجه إلى مواجهة عسكرية شاملة، وخاصة وأنها ليست من أدابيات السياسة المصرية في أفريقيا، كما أن مصر تمتلك أدوات قوية تسطيع من خلالها تطويق إثيوبيا عبر العديد من المحاور الإقليمية.
الرسالة المصرية لمجلس الأمن
ولفت إلى أن الرسالة المصرية الأخيرة لمجلس الأمن والتي اتهمت أديس أبابا بانتهاك الأعراف الدولية من خلال التصرفات الأحادية، تؤكد أن القاهرة تتحرك على المستويين الإقليمي والدولي لحماية مصالحها المائية، كما أن مصر أكدت أنها لان تتهاون في حقوقها المائية والتاريخية.
وفي المقابل، أوضح قرني أن التصعيد الإثيوبي الأخير ضد مصر واتهامها باتباع "خطاب عدائي" يأتي في إطار حملة سياسية داخلية تهدف إلى تعزيز موقف الحكومة الإثيوبية قبيل الانتخابات المقبلة، معتبراً أن أديس أبابا تمارس ما وصفه بـ"الانتهازية السياسية"، مستغلة الحرب في السودان لفرض واقع جديد في ملف السد.
وختم قرني تصريحه بالتأكيد على أن غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي ما زال العقبة الكبرى أمام استئناف المفاوضات، مشدداً على أن أي تقدم في الملف سيتحقق فقط إذا واجهت إثيوبيا ضغوطاً داخلية واقتصادية تدفعها إلى القبول باتفاق قانوني وملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد بشكل يضمن مصالح الدول الثلاث.