ما حكم الوضوء والاغتسال بالماء المعالج بمادة الكلور؟

أكدت دار الإفتاء المصرية أن خلط الماء بمادة الكلور عند تنقيته لا يُغيّر في طهوريته؛ وذلك على ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة في روايةٍ؛ فإنهم يرون أن الماء الذي خالطه طاهر يمكن الاحتراز عنه -كالكلور ونحوه قياسًا على الصابون والزعفران ونحوهما- فتغير به أحد أوصافه؛ فإنّ هذا لا يُغيِّر في كونه طاهرًا مطهِّرًا، إلا أنّ الحنفية يشترطون أن لا يكون التغيير عن طبخٍ أو عن غلبةِ أجزاءِ المخالطِ للماء حتى يصير الماء ثخينًا به.
ماذا يقول العلماء؟
قال الإمام الميرغيناني الحنفي في الهداية : ولا يجوز التطهر بماءٍ غلب عليه غيره فأخرجه عن طبع الماء؛ كالأشربة والخل وماء الباقلا والمرق وماء الورد وماء الزردج؛ لأنه لا يسمى ماءً مطلقًا، والمراد بماء الباقلا وغيره: ما تغير بالطبخ، فإن تغير بدون الطبخ يجوز التوضي به، وتجوز الطهارةُ بماءٍ خالطه شيءٌ طاهرٌ فغير أحد أوصافه؛ كماء المد، والماء الذي اختلط به اللبن أو الزعفران أو الصابون أو الأشنان.
وقال الإمام ابن قدامة في المغني : ما خالطه طاهر يمكن التحرزُ منه فغير إحدى صفاته: طعمه، أو لونه، أو ريحه؛ كماء الباقلا، وماء الحمص، وماء الزعفران. واختلف أهل العلم في الوضوء به، واختلفت الرواية عن إمامنا أحمد رحمه الله في ذلك؛ فروي عنه: لا تحصل الطهارة به، وهو قول مالك والشافعي وإسحاق. وقال القاضي أبو يعلى: وهي أصح، وهي المنصورة عند أصحابنا في الخلاف. ونقل عن أحمد جماعةٌ من أصحابه؛ منهم أبو الحارث، والميموني، وإسحاق بن منصور: جوازَ الوضوء به. وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه؛ لأن الله تعالى قال: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [النساء: 43]، وهذا عامٌّ في كل ماءٍ؛ لأنه نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تعم؛ فلا يجوز التيمم مع وجوده، وأيضًا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أبي ذر رضي الله عنه: «التُّرَابُ كَافِيكَ مَا لَمْ تَجِدْ الْمَاءَ»، وهذا واجد للماء.
ما هو حكم الوضوء من الترع على حالها؟
يجوزُ الوضوءُ من الأنهارِ والقنواتِ الجارية، ولا كراهةَ في ذلك، لكونِ مائها جاريًا لا تَظهَرُ فيه نجاسةٌ، ولا تتأثَّرُ أوصافُه الثلاثة؛ لأنَّ الماءَ يتجدَّدُ بالجريان، فإنْ ظهرتْ أحدُ أوصافِ النجاسةِ عليه؛ فإنَّه لا يجوزُ الطهارةُ من هذا الحيِّزِ الذي ظهرتْ فيه أوصافُ النجاسةِ خاصَّة.
وتهيبُ دار الإفتاء المصريةُ المواطنينَ بالحفاظِ على مياهِ نهرِ النيلِ وقنواتِه المائيةِ المختلفة؛ حمايةً له مِن أن يكونَ موطنًا للأمراضِ والأوبئة.
بعض العبادات التي يجب ويستحب الوضوء لها
الوضوء شرط صحة لكثيرٍ من العبادات؛ كالصلاة بجميع أنواعها -فرضًا أو سنةً أو نفلًا- وسجود التلاوة، والطواف بالبيت الحرام، ومسِّ المصحف ونحوه، وشرط استحباب لكثير من العبادات والعادات؛ كذكر الله تعالى، وعند النوم، ونحوه.
الماء الذي يصلح للوضوء والطهارة
من المقرر شرعًا أنَّ الوضوء والطهارة لا يكونان إلَّا بالماء المطلق؛ وهو الباقي على أصْلِ خلقته؛ والماء المطلق طاهرٌ في نفسه مُطهِّرٌ لغيره، وهو الذي يطلق عليه اسم الماء بلا قيد أو إضافة؛ مثل مياه البحار والأنهار والأمطار ونحوها؛ قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في البحر: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ»، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ إِلَّا أَنْ تُغَيَّرَ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهَا».
بيان مفهوم الترع وأنواعها
الترع: هي عبارة عن مجموعة القنوات المائية التي تشق في الأرض بهدف نقل المياه من نهر النيل إلى الأراضي الزراعية، وهذا النقل لا يتم بطريقة مباشرة، وإنما يأخذ شكل التدرج الهرمي؛ حيث تنتقل من الترع الرئيسية الكبرى إلى الترع الفرعية الصغيرة؛ حتى تصل في النهاية إلى النباتات في الحقول، والأراضي؛ فشبكة الري في مصر أشبه بالشجرة، جذعها الرئيسي هو النيل، وفروعه تختلف بين الرياحات والترع الرئيسية والفرعية وترع التوزيع -وهذه كلها ترع عمومية ملك للدولة- وبين المساقي الخاصة التي ليس للدولة إشراف عليها، وتعمل هذه الشبكة في تعاون لتصل مياه النيل من الأصل إلى الأراضي الزراعية.
وبذلك يكون لدينا عدة أنواع للترع:
1- ترع الدرجة الأولى: وهي الرياحات: وتعد أكبر درجات الترع الناقلة للمياه من أمام قناطر الدلتا والمغذية لشبكة الترع بالوجه البحري، والترع الرئيسية: وهي التي تستمد مياهها من النيل مباشر كترعة الإسماعلية، أو تستمد مياهها من الرياحات بالمفهوم السابق، ومن ثم تغذي الترع الأصغر بالمياه.
2- ترع الدرجة الثانية: وهي التي تستمد مياهها من الترع الرئيسية -ترع الدرجة الأولى-، وتعد ناقلة لمياه النيل أيضًا؛ ولكنها تكون أصغر في الحجم وكمية مياهها عن ترع الدرجة الأولى، وهذان النوعان من الترع يحظر الري المباشر منها.
3- ترع الدرجة الثالثة: وهي ترع التوزيع والتي يتم من خلالها توزيع المياه على الأراضي الزراعية -وتكون ملكًا للدولة كسابقتها، وتقوم على حفرها وتشغيلها وصيانتها-، وهذه النوعية من الترع يسمح بالري المباشر منها.
وهناك أيضا الجنابيات: وهي ترع توزيع يُسمح بالري المباشر منها وتكون موازية أو مجاورة مع ترع المياه الرئيسية أو الفرعية.
4- ترع الدرجة الرابعة: وهي المساقي الخاصة التي تأخذ من ترع التوزيع على النحو السابق، وهي ترع صغيرة جدًّا في المساحة وكمية مياهها، وتكون داخل الحقل نفسه، ومن ثمَّ فإن حفرها وصيانتها يكون على عاتق المستفيدين منها.