مصر على أعتاب سوق عربية موحدة
خبير طاقة: المرحلة الأولى من الربط مع السعودية تنطلق خلال أسابيع

رغم التأخير الذي شهده مشروع الربط الكهربائي مع السعودية منذ طرح فكرته في أوائل الألفية، إلا أن التنفيذ الفعلي انطلق بقوة خلال السنوات الأخيرة، متجاوزًا التحديات السياسية والفنية، ومع اقتراب التشغيل الرسمي، تظهر ملامح مشروع يتجاوز كونه تعاونًا ثنائيًا، ليصبح نواة لشبكة كهرباء عربية موحدة، تسهم في تحقيق الأمن الطاقي وتعزيز التكامل الإقليمي بين دول المنطقة.
بناء شبكة كهرباء عربية موحدة
أكد الدكتور حافظ سلماوي خبير الطاقة، أن هذا الربط لا يمثل مجرد مشروع ثنائي بين مصر والسعودية، بل هو خطوة في طريق بناء شبكة كهرباء عربية موحدة، ومحور ربط رئيسي بين المشرق والمغرب العربيين، كما أن المشروع يمتد تأثيره الجغرافي ليشمل خلف مصر من الدول العربية مثل ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والسودان، ومن الجانب الآخر يربط السعودية بدول الخليج والعراق، مما يجعله محور الربط الكهربائي العربي الأهم.
أما فيما يخص التحديات، فأشار إلى أن فكرة المشروع تعود إلى أوائل الألفية، حيث اكتملت دراسات الجدوى في عام 2006، إلا أن الظروف السياسية والاقتصادية، خاصة في مصر، تسببت في تأخير التنفيذ، وعند استئناف المشروع عام 2015، تم تعديل مسار الخط ليتوافق مع مشروع "نيوم" السعودي، مما تطلب إعادة الدراسات الفنية. ومنذ بداية عام 2020، انطلق التنفيذ الفعلي بوتيرة سريعة، حتى وصلت الأعمال حاليًا إلى مراحلها النهائية.
تكلفة المشروع الاستثمارية تبلغ نحو 1.8 مليار دولار، ويتحمل كل طرف تكلفة التنفيذ داخل أراضيه، بينما يتم تقاسم تكلفة الجزء البحري أسفل خليج العقبة، يمتد الخط بطول يقارب 1600 كيلومتر، منها 600 كيلومتر داخل مصر و1000 كيلومتر في السعودية، ويضم محطات تحويل رئيسية في مدينة بدر بمصر، ومنطقتي تبوك والمدينة المنورة بالسعودية.
وتُشير دراسات الجدوى السابقة إلى أن العائد الاقتصادي السنوي المتوقع للمشروع يبلغ نحو 600 مليون دولار للطرفين، مع ترجيح استفادة السعودية بنسبة أعلى نسبيًا نتيجة فرق أسعار وتكاليف التشغيل، لكن إدخال الطاقة الشمسية في عمليات التبادل سيحقق توازنًا أكبر في العوائد.
أشار سلماوي إلى أن المشروع الآن في مراحله النهائية، ومن المتوقع افتتاح المرحلة الأولى خلال الأسابيع القليلة المقبلة، على أن تُستكمل المرحلة الثانية بعد حوالي 6 أشهر، لتصل القدرة الكاملة إلى 3000 ميجاوات، هذا المشروع يمثل نموذجًا عمليًا ناجحًا للتعاون العربي في مجال الطاقة، وخطوة حقيقية نحو تحقيق سوق كهرباء عربية موحدة تدعم التنمية المستدامة واستغلال الموارد بكفاءة أكبر.