رغم الجهود الحكومية المبذولة في السنوات الأخيرة لتحسين أوضاع الريف المصري، لا تزال بعض المناطق تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية. وفي قلب محافظة سوهاج، تقف المراغة، مركزًا ومدينة، على مفترق طرق بين الأمل والتجاهل، حيث تتعالى أصوات الأهالي مطالبة بتلبية احتياجات طال انتظارها، ورغم دخول بعض قرى المركز ضمن مبادرة "حياة كريمة"، فإن الواقع يشير إلى أن الطريق ما زال طويلًا.
"مزلقان الموت".. مطلب لا يحتمل التأجيل
يُعد مزلقان السكة الحديد بالمراغة، والذي أطلق عليه السكان اسم "مزلقان الموت"، أحد أخطر النقاط السوداء في المركز. الحوادث شبه يومية، والمشاة يعبرون السكة الحديد تحت وطأة الخوف والمجازفة، في ظل غياب أي حلول بديلة. ويطالب الأهالي منذ سنوات بإنشاء سلم مشاة علوي يحمي الأرواح ويُسهم في تسهيل حركة المرور. فمن يتبنى هذا المطلب الإنساني البسيط؟
طرق تحتاج إلى تعبيد.. لا وعود
ورغم الحديث عن مشروعات تطوير الطرق ضمن خطة التنمية، لا تزال الطرق الداخلية بالمراغة، وكذلك محور المراغة، تعاني من تهالك واضح يُعيق حركة السير ويؤثر على حياة المواطنين اليومية. أين خطة الرصف؟ ولماذا تتعثر رغم المخصصات؟
المواقف العشوائية.. وسؤال عن الرقابة
تواجه المواقف الداخلية بالمدينة حالة من الفوضى وسوء التنظيم، ما يفتح الباب أمام استغلال الركاب وغياب الرقابة المرورية. المواطنون يطالبون بـرقابة حقيقية وإعادة تنظيم تلك المواقف، ليكون التنقل أكثر سهولة وعدلًا.
مياه شرب غير صالحة.. ومعاناة صامتة
في بعض القرى التابعة للمراغة، يشكو المواطنون من تلوث مياه الشرب أو ضعف ضخها، ما يدفعهم للاعتماد على بدائل مكلفة أو غير آمنة. أليس من أبسط الحقوق أن يشرب المواطن ماءً نظيفًا من صنبوره دون قلق؟
الغاز الطبيعي.. حلم يتحول إلى مطلب
في حين وصلت شبكات الغاز إلى مراكز قريبة، لا تزال المراغة خارج الخريطة، رغم أن المشروع قد يُسهم في رفع العبء عن المواطنين وتقليل الاعتماد على أنابيب البوتاجاز. فهل من تحرك جاد لإدخال الغاز الطبيعي إلى المدينة وقراها؟
شباب بلا عمل.. والمشروعات غائبة
تشهد المراغة، كغيرها من مراكز الصعيد، ارتفاعًا في نسب البطالة بين الشباب، الذين يبحثون عن فرص عمل حقيقية بدلًا من التوظيف المؤقت أو الهجرة الداخلية. فأين هي المشروعات التي وُعد بها شباب الصعيد؟
الطرق مظلمة.. والخطر كامن
الإنارة العامة، خاصة في الطرق الرئيسية والفرعية، لا تزال دون المستوى المطلوب، ما يخلق بيئة خصبة للحوادث وغياب الأمان. لا يطلب الأهالي إلا ضوءًا يُنير طريقهم في الليل.
الاسمدة أزمة تنظيم وليست توفر
يشكو المزارعون من سوء تنظيم تسليم الأسمدة الكيماوية، ما يؤدي إلى التكدس أو التأخير. اقتراحهم بسيط وواقعي: تحديد أيام بعينها لتسليم الكيماوي لكل جمعية زراعية لتفادي الفوضى.
توزيع المعلمين.. عدالة مفقودة
يعاني الكثير من المعلمين والمعلمات من التوزيع الجغرافي غير العادل، حيث يُجبر البعض على العمل في مناطق بعيدة رغم وجود شواغر قريبة من محل إقامتهم. هذا الوضع لا يخدم المعلم ولا المنظومة التعليمية.
الوحدات الصحية.. مبانٍ بدون أطباء
رغم بناء وتجهيز العديد من الوحدات الصحية ضمن "حياة كريمة"، يفتقر العديد منها إلى الأطباء والكوادر الطبية، ما يجعلها مبانٍ جميلة ولكن بلا جدوى. المواطن يريد خدمة حقيقية، لا جدرانًا مزينة.
كلمة أخيرة: من يتبنى صوت المراغة؟
كل تلك المطالب مشروعة، واقعية، بل وأساسية. ولا يمكن اعتبارها ترفًا أو رفاهية، بل هي حقوق يومية لإنسان يعيش في وطن يُبذل فيه جهد كبير لتطوير الريف. ولكن إن كانت "حياة كريمة" هي عنوان المرحلة، فلتكن المراغة على رأس جدول الأولويات، ولتكن الاستجابة لمطالب أهلها اختبارًا حقيقيًا لجدية البرامج التنموية.
هل يسمعها نائب؟ هل يتحرك محافظ؟ هل تتحرك جهة تنفيذية؟
المراغة لا تطلب المستحيل، لكنها تنتظر من يتبنى قضيتها بجدية.