غلق الحدود بين البلدين: القصة الكاملة للصراع بين افغانستان وباكستان

أغلقت باكستان المعابر الحدودية مع أفغانستان الأحد، وذلك وسط تبادل المواجهات الحدودية بين قوات البلدين، فيما زعمت حكومة "طالبان" أنها "قتلت 58 جندياً باكستانياً خلال عمليات ليلية".
وأطلقت القوات الأفغانية النار على مواقع حدودية باكستانية في وقت متأخر من مساء السبت، وقالت وزارة دفاع "طالبان"، إن هذا الهجوم جاء "رداً على الغارات الجوية الباكستانية، التي نُفذت داخل الأراضي الأفغانية في وقت سابق من الأسبوع"، ويتسم الصراع والمناوشات بين أفغانستان وباكستان بكونه صراعًا معقدًا وله جذور تاريخية عميقة، ويتصاعد التوتر بين البلدين من وقت لآخر، لاسيما على طول الحدود المشتركة.
أسباب المناوشات الحالية
تتركز الأسباب الظاهرة للمناوشات الحدودية الأخيرة "مثل تلك التي حدثت في أواخر عام 2024 وأوائل 2025" في عدة نقاط:
قضية حركة طالبان باكستان: تتهم باكستان الحكومة الأفغانية الحالية بإيواء ودعم مسلحي حركة طالبان باكستان، الذين يقومون بعمليات عسكرية وهجمات إرهابية داخل الأراضي الباكستانية، وهو ما تنفيه كابل، في ديسمبر 2024، شنت طائرات باكستانية قصفًا على مناطق أفغانية حدودية بحجة استهداف مواقع لـ "طالبان باكستان".
النزاعات الحدودية
تندلع المناوشات بشكل متكرر بسبب محاولات بناء نقاط أمنية أو حواجز على الحدود المتنازع عليها، أو إطلاق نار متبادل بين قوات حرس الحدود للطرفين.
القصة الكاملة وجذور الصراع التاريخية
يعود أصل التوتر إلى خط ديورند، وهو خط حدودي طوله 2,640 كيلومترًا رُسم في عام 1893 بين الهند البريطانية والتي ورثتها باكستان وأفغانستان.
عدم اعتراف أفغانستان بالحدود: ترفض أفغانستان الاعتراف بخط ديورند كحدود دولية رسمية منذ استقلال باكستان في عام 1947، في ذلك العام، كانت أفغانستان الدولة الوحيدة التي صوتت ضد قبول باكستان عضوًا في الأمم المتحدة.
مشكلة البشتون: يتسبب خط ديورند في تقسيم قبائل البشتون، وهي أكبر مجموعة عرقية في أفغانستان، بين البلدين، مما أدى إلى مطالبة أفغانستان بحق تقرير المصير للمناطق التي يسكنها البشتون في الجانب الباكستاني وتشكيل دولة لهم باسم بشتونستان.
انعدام الثقة التاريخي: لعبت السياسات التي مارستها المؤسسة العسكرية الباكستانية على مدى عقود دورًا في خلق انعدام كامل للثقة بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالتدخلات الإقليمية ودعم الجماعات المسلحة.
استمرار التوتر: استمرت التوترات والمناوشات الحدودية على مدار العقود الماضية، بما في ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية في ستينيات القرن الماضي.
تبعات الصراع
تؤدي هذه المناوشات والتوترات إلى تبعات خطيرة تشمل، سقوط ضحايا تُسفر الاشتباكات والهجمات المتبادلة عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين والعسكريين على جانبي الحدود.
تشهد العلاقات بين كابول وإسلام آباد توترًا حادًا يصل أحيانًا إلى استدعاء السفراء أو إغلاق المعابر الحدودية مؤقتًا.
تفاقم الأزمة الإنسانية والأمنية: يؤدي النزاع إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتضرر المناطق الحدودية، وتأثر حركة التجارة والعبور.
التهديدات الداخلية: تستغل جماعات مسلحة مثل حركة طالبان باكستان التوترات الحدودية لتنفيذ هجمات داخل باكستان، مما يزيد من الضغوط الأمنية على إسلام آباد.
هل يمكن أن تتحول المناوشات إلى حرب شاملة؟
بالرغم من التصعيد العسكري الخطير، خاصة الغارات الجوية الباكستانية والردود الأفغانية، فإن احتمالية تحول المناوشات إلى حرب شاملة وكاملة النطاق لا تزال تعتبر منخفضة نسبيًا في الوقت الحالي لعدة اعتبارات:
المصالح المشتركة: لدى كلا الجانبين مصالح اقتصادية وأمنية تحثهما على تجنب حرب مفتوحة.
الوضع الداخلي: باكستان تواجه تحديات اقتصادية وأمنية داخلية كبيرة "مثل التمرد في بلوشستان"، فيما تسعى حكومة طالبان الأفغانية إلى تثبيت حكمها والحصول على اعتراف دولي.
الضغط الدولي والإقليمي: يمكن أن تتدخل قوى إقليمية وعالمية "مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة" لممارسة الضغط على الطرفين لاحتواء التصعيد.
ومع ذلك، تبقى المنطقة قابلة للاشتعال، ويمكن أن يؤدي أي خطأ في التقدير أو تصعيد غير محسوب من أي طرف إلى جرّ البلدين إلى مواجهة أوسع يصعب احتواؤها.