خبراء: تصعيد ترامب مع الصين يهدد بحرب اقتصادية طويلة

تتزايد حدة التوترات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، في ظل قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات الصينية، وإلغاء لقائه مع نظيره الصيني، ما اعتبره خبراء الاقتصاد مؤشراً على دخول العلاقات التجارية بين القوتين في مرحلة جديدة من التصعيد، مؤكدين أن الخطوة تحمل أبعادًا انتخابية داخلية، لكنها تنذر أيضًا بتداعيات اقتصادية واسعة قد تمتد آثارها إلى المستهلك الأمريكي نفسه.
وقال الدكتور أحمد خطاب، الخبير الاقتصادي، إن العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين مازالت تشهد توتراً واضحاً منذ عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحتى اليوم، نتيجة تبادل فرض الرسوم الجمركية والضرائب بين الجانبين.
وأضاف "خطاب" في تصريح خاص لـ"نيوز رووم"، أن السياسات التي انتهجها ترامب في فرض رسوم جمركية مرتفعة تؤكد غياب أي نية للتوصل إلى حلول وسط، مشيراً إلى أن الصين رغم ذلك قادرة على إدخال منتجاتها إلى السوق الأمريكي سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن وتيرة الحرب التجارية بين البلدين مرشحة للتصاعد خلال السنوات المقبلة، إلا أنه من المحتمل أن تتغير هذه المعادلة في حال تولي إدارة أمريكية جديدة ذات رؤية أكثر مرونة خلال الأعوام القادمة، ما قد يسهم في إعادة التوازن للعلاقات التجارية بين القوتين الاقتصاديتين.
وأكد الدكتور أحمد خطاب أن الولايات المتحدة باتت تدرك جيداً أن الصين تمثل عملاقاً صناعياً وتجارياً صاعداً، بينما تتحوط بكين بدورها من النفوذ الاقتصادي الأمريكي بالتوجه نحو إفريقيا وقارات أخرى لتعويض أي تراجع في حجم تجارتها مع واشنطن.
وأضاف: "إن المواطن الأمريكي سيكون في نهاية المطاف هو الطرف الأكثر ضغطاً على حكومته لتخفيف الرسوم والضرائب المفروضة، نظراً لاعتماده الكبير على المنتجات الصينية ذات الجودة المرتفعة والأسعار المنخفضة".
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور هاني أبو الفتوح إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء لقائه المرتقب مع نظيره الصيني، وبدء تنفيذ الرسوم الجمركية الجديدة على الواردات الصينية، يمثل تصعيدًا جديدًا في مسار المواجهة الاقتصادية بين واشنطن وبكين.
وأوضح "أبو الفتوح" في تصريح خاص لـ"نيوز رووم "، أن هذا القرار لا يمكن فصله عن السياق السياسي الداخلي في الولايات المتحدة، حيث يسعى ترامب إلى إظهار قدر من الحزم والصرامة قبيل الانتخابات الأمريكية، في ظل تصاعد القلق من تراجع النفوذ الأمريكي أمام الصعود الصيني المتسارع.
وأضاف أن الولايات المتحدة قد تحقق مكاسب تكتيكية مؤقتة على المدى القصير من خلال رفع كلفة السلع الصينية ومنح الصناعات المحلية بعض الدعم النسبي، فضلًا عن استخدام القرار كورقة ضغط على الصين في الملفات الحساسة، خصوصًا التكنولوجيا والمعادن النادرة.
وشدد أبو الفتوح على أن هذه المكاسب محدودة زمنياً، لأن السوق الأمريكية تعتمد بشكل كبير على المكونات والمنتجات الصينية منخفضة التكلفة، ما يعني أن الرسوم الجديدة ستنعكس في النهاية على المستهلك الأمريكي بارتفاع الأسعار، وقد تضعف ثقة المستثمرين إذا تصاعدت الأزمة إلى حرب اقتصادية شاملة.
وأشار إلى أن الاقتصاد الصيني سيتأثر بتراجع الصادرات وتباطؤ الاستثمارات الأجنبية، لكنه يمتلك أدوات قوية للتعامل مع الأزمة، مثل تحفيز السوق الداخلية، وتوسيع التعاون مع الاقتصادات الآسيوية والأوروبية، مستفيدًا من سيطرته على سوق المعادن النادرة التي تمنحه نفوذاً استراتيجياً يصعب تجاوزه في المدى القريب.
واختتم قائلاً: "إن الولايات المتحدة قد تكسب جولة سياسية وإعلامية، لكنها في المقابل تغامر بإشعال موجة جديدة من الحمائية المتبادلة التي قد تضر بالاقتصادين الأمريكي والصيني معًا"، مؤكدًا أن الصراع بات اختبارًا طويل الأمد لتوازن القوى الاقتصادية والتكنولوجية بين القوتين العظميين.