"يا مصر نادى المخلصون وكبروا".. قصيدة خالدة للدكتور أحمد عمر هاشم

في لحظة مهيبة ستظل محفورة في ذاكرة كل من شهدها، تلك اللحظة التي ألقى الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ــ رحمه الله ــ قصيدة شعرية مؤثرة خلال خطبة الجمعة من على منبر الجامع الأزهر الشريف، وذلك في سبتمبر من عام 2019، أثناء احتفالات الأزهر الشريف بذكرى تأسيسه.
بلاغة تأسر القلوب.. وكلمات تهتف باسم مصر والأزهر
ارتفعت الكلمات من على منبر العلم والنور، جامع الأزهر، تحمل في طياتها معاني الوطنية والإيمان، وعبق التاريخ وروح الأزهر الشريف. ألهبت الأبيات مشاعر الحضور الذين تفاعلوا معها بقلوبهم وأعينهم، فجمعت القصيدة بين صدق الكلمة وجلال المناسبة ومكانة قائلها.
قال الدكتور أحمد عمر هاشم، مفتتحا أبياته:
يا مصر نادى المخلصون وكبروا
لم تَجلى في سَماكِ الأزهرُ
ثم مضى مستعرضًا تاريخ الأزهر ودوره العظيم:
من ألف عام بل يزيد ومجده
في قمة التاريخ لا يتقهقرُ
صان التراث وصان دين محمدٍ
وبهديه يَنبوعه يتفجرُ
يا مصر فيكِ حاضرةٌ دينيةٌ
ومددتِ كفكِ للذين تحضروا
ولم تغب مصر النيل والحضارة عن القصيدة، حيث قال:
يا مصر فيك النيلُ عذبٌ سائغٌ
لكن أزهرنا الشريفُ الكوثرُ
ثم أشار إلى منهج الأزهر الوسطي، ورسالة الاعتدال التي طالما نادى بها:
نادى وكم نادى وقال لقومه
الدينُ يُسرٌ للحياةِ فيسروا
نادى وكم نادى وقال لقومه
لا عنفَ، لا إرهابَ، لا تتحجروا
نادى وكم نادى وقال لقومه
إن تنصروا رب البرية تُنصروا
لحظة خالدة وأثر باقٍ
لاقى هذا الأداء الشعري تفاعلًا واسعًا من جموع المصلين الذين ملأوا أروقة الجامع الأزهر، تأثرًا بالكلمات والموقف، وإجلالًا لقامة علمية وأدبية بحجم الدكتور أحمد عمر هاشم.
لقد كانت القصيدة بمثابة خطبة شعرية خالدة، عبّر فيها الدكتور الراحل عن حبه العميق لمصر، واعتزازه بالأزهر الشريف، وحمل فيها رسالة واضحة ضد العنف والتطرف، مؤكدًا على أن الإسلام دين يسر ورحمة وعدل.
الدكتور أحمد عمر هاشم.. صوت الوسطية
عرف الدكتور أحمد عمر هاشم بفصاحته وبلاغته وحبه للشعر، وكان يرتجل القصائد ارتجال العارف البليغ، فتأتي معبرة ومؤثرة، تلامس القلوب قبل الآذان. ولم تكن هذه القصيدة استثناء، بل واحدة من أبرز ما قاله، وأصدق ما نطق به لسانه على المنابر.
رحم الله الدكتور أحمد عمر هاشم، فقد كان صوتًا للحق، ولسانًا للعلم، وقلبًا نابضًا بحب الوطن والدين.