في أكتوبر 1973، لم يكن النصر مجرد حدث عسكري، بل كان تجربة وطنية متكاملة جسدت فيها كل فئات المجتمع روح التضحية والانتماء. على الجبهة، وقف الرجال في الجيش بكل بسالة، يقاتلون ويضحون بأرواحهم دفاعًا عن الأرض والكرامة. كل خطوة، وكل معركة، وكل خسارة أو نصر كان يوثقها الإعلاميون والصحفيون الذين كانوا ينقلون الأخبار لحظة بلحظة عبر الراديو، لتصبح أصواتهم حلقة الوصل بين الجبهة والمواطنين.
الرجال على الصفوف الأمامية لم يكونوا وحدهم، بل كان الشعب كله معهم بقلب واحد. النساء تبرعن بالذهب، وحولت المنازل إلى مراكز للتمريض، مقدمات الرعاية للجرحى، بينما الشباب تطوعوا لدعم الجبهة بكل الوسائل الممكنة.
وفي كل حي وشارع، كان الناس يجتمعون حول الراديو لسماع الأخبار، مترقبين كل بيان وكل تحديث ينقله الإعلاميون والصحفيون من على الجبهة، متفاعلين مع كل لحظة من لحظات البطولة، الراديو لم يكن مجرد جهاز، بل كان الجسر الذي يوصل بطولة الجنود وصمودهم إلى قلوب المواطنين، ويشعل روح الفخر والانتماء في كل بيت.
الإعلام والصحافة والفنانون لعبوا دورًا مكملًا، يوثقون الصور، ويخلدون الأحداث، بينما الأغاني الوطنية تنتشر، تعكس صمود الجنود وشجاعة الشعب، فتصبح كل أغنية بمثابة شهادة حية على البطولة والتضحية.
هكذا اكتملت ملحمة أكتوبر 73 من خلال اتحاد الجندي على الجبهة، والإعلامي والصحفي الذي ينقل الحقيقة، والفنان الذي يغني للوطن، والمواطن الذي يترقب الأخبار عبر الراديو، وكل فئات الشعب التي جعلت من النصر حدثًا جماعيًا خالدًا في ذاكرة الأمة.
إن ذكرى أكتوبر ليست مجرد استرجاع للتاريخ، بل هي درس حي في التضحية والوحدة الوطنية، ودليل على أن الجيش والشعب والإعلام والفن قادرون معًا على صناعة النصر وتحويل كل لحظة من الخطر إلى قصة شجاعة تخلد في الذاكرة الجماعية للأمة.