عاجل

"على قَدَّ فلوسهم"... أمين الفتوى: عبارة شيطانية تشرعن للخيانة والتقاعس

أمين الفتوى
أمين الفتوى

حذر الدكتور هشام ربيع أمين الفتوى بدار الإفتاء من مقولة: "على قَدَّ فلوسهم"، مؤكدًا أنها عبارة عن خيانة صامتة في العمل.

"على قَدَّ فلوسهم"... أمين الفتوى يحذر من الخيانة الصامتة في العمل

وقال أمين الفتوى: "العمل والوظيفة" ليست مجرد مصدر كسبٍ، بل هي أمانة ومسؤولية يُسأل عنها، فالإهمال فيه خيانة، والتقصير فيه غش، وكلاهما سلوك ممقوتٌ يرفضه الشرع والفِطْرة السليمة.

ولفت إلى أن العبارة الشيطانية "على قَدَّ فلوسهم" التي يُردِّدها البعض لتبرير تقصيرهم في العمل مِن أخطر الظواهر السلبية التي تناقض أخلاقيات العمل، فهي ليست مجرد كلمة عابرة، بل هي فلسفة هدَّامة تُشرعِن للخيانة وتُبرِّر التقاعس.

ونبه أنه مِن ناحية شرعية: العمل عقدٌ بين طرفين، الموظف وصاحب العمل، ويقوم على شروط متفق عليها، وبقبول الموظف للراتب يكون قد ارتضى بالقيام بالمهام الموكلة إليه على أكمل وجه، فالتقصير بحجة ضعف الراتب خيانةٌ للأمانة، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يَرْبِط الإتقان بالأجر، بل جعله عبادة وقيمة مطلقة، فجاء في الحديث: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ».

وشدد: من منظور اجتماعي: فقائل هذا المقولة يضر بنفسه حيث يحصر طموحه وقدراته في حدود راتبه الحالي، ويُغْلِق على نفسه أبواب التطوير والتحسين المستمر؛ إذ العمل بإتقان هو استثمار في ذاتك أنت أَوَّلًا قبل أن يكون مجرد واجب وظيفي.

تأكَّد: أنَّ مَن كان مع الله في عمله، كان الله معه في رزقه... وَسَّع الله عليكم جميعًا.

يسري جبر: الغش والاحتيال في الأموال دعوة لهلاك صاحبه

من جانبه، قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن الحديث النبوي الشريف "من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله" يشمل في دلالاته تحذيرًا شديدًا من كل صور أكل أموال الناس بالباطل، سواء بالاحتيال أو بالغش أو بسوء النية، مؤكدًا أن هذا السلوك ليس فقط محرّمًا شرعًا بل هو دعوة على النفس بالهلاك والدمار.

وأوضح خلال حلقة برنامج "أعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس، أن من أبرز صور إتلاف أموال الناس في العصر الحالي ما نراه من الشركات الوهمية التي تُنشأ لجمع الأموال من المواطنين بحجة تشغيلها، ثم تختفي، وتضيع معها أموال الناس، مشيرا إلى ما يُمارسه بعض التجار من الاحتكار، عبر تخزين السلع عمدًا حتى يرتفع سعرها، ثم يبيعونها بأضعاف ثمنها الحقيقي، معتبرًا هذا من صور أكل أموال الناس بغير وجه حق.

وأكد الدكتور جبر أن الغش في الصناعة والمنتجات – سواء ببيع سلع رديئة بأسعار مرتفعة، أو بوضع علامات تجارية مزيفة – يُعد كذلك نوعًا من أكل أموال الناس بالباطل، وهو ما انتشر حتى في الصناعات الدقيقة مثل الدواء، مما يهدد أرواح البشر، ولا يتوقف خطره على الناحية الاقتصادية فقط.

ولفت إلى أن هذا الفساد المالي لا يقتصر على بلد بعينها، بل هو ظاهرة عالمية تهدد المجتمعات، وتسهم بشكل مباشر في تفشي الغلاء وزيادة الفقر، بل والمجاعات في بعض الدول، مشيرًا إلى الأوضاع الكارثية في قطاع غزة، حيث يضطر بعض الناس هناك إلى تناول وجبة واحدة كل يومين بسبب شح الموارد والحصار، وهو ما تفاقم بسبب الظلم العالمي وغياب التكافل الإنساني.

وأكد أن الحديث النبوي لا يقتصر على التحذير، بل يحمل أيضًا بشرى ضمنية، وهي أن من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو استثمارها بشكل نزيه وأمين، فإن الله يعينه ويوفقه، كما يفهم من مفهوم المخالفة للحديث، مشددا على أن الإسلام يشجع أصحاب القدرات والخبرة على استثمار أموال الناس بطريقة شرعية وآمنة، بعيدًا عن الغش والاحتيال، مع الالتزام بالإتقان والمسؤولية.

تم نسخ الرابط