طلعت: العمارة المصرية المعاصرة قادرة على قيادة التحول الثقافي

أكد المعماري الاستشاري الدكتور محمد طلعت، الخبير العقاري، أن مصر على أعتاب مرحلة تحول فكري ومعماري كبرى، تتطلب الخروج من الإطار التقليدي للعمارة كـ"نشاط عمراني داخلي" إلى اعتبارها أداة لتصدير الثقافة والتأثير الناعم على المستوى الإقليمي والدولي.
وقال طلعت إن الوقت قد حان لإعادة تعريف العمارة المصرية باعتبارها لغة حضارية تعبر عن فلسفة الدولة الحديثة في التنمية والعمران، وتُقدَّم إلى العالم كنموذج لـ"العمارة ذات الرسالة" التي تعكس الهوية، وتواكب في الوقت ذاته متطلبات الحداثة والوظيفية.
مدن الجيل الرابع بيئة خصبة لتشكيل الهوية المعمارية المعاصرة
وأوضح طلعت أن الطفرة العمرانية التي تشهدها الدولة المصرية حاليًا، خاصة في العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، توفر أرضية مثالية لتطوير فكر معماري وطني معاصر، يمكن أن يتحول إلى هوية معمارية قابلة للتصدير دوليًا.
وأضاف أن مصر، التي طالما كانت مهدًا للحضارات، لعبت دورًا رياديًا تاريخيًا في تصدير المفاهيم العمرانية مثل العمارة الجنائزية والمعابد والهياكل الرمزية. واليوم، يمكنها أن تعود للريادة مجددًا من خلال تقديم رؤية معمارية متكاملة تجمع بين الحداثة وروح المكان، وبين الوظيفة والجمال، وبين الخصوصية والبعد الإنساني.
العمارة.. أداة من أدوات القوة الناعمة
وشدد محمد طلعت على أن العمارة لم تعد مجرد فن أو علم، بل أصبحت لغة من لغات القوة الناعمة، مستشهدًا بتجارب دول مثل:
فرنسا التي جعلت من برج إيفل رمزًا عالميًا لهويتها.
الإمارات التي نجحت في تحويل معمارها الحديث إلى أدوات جذب سياحي واستثمار ثقافي.
وأشار إلى أن مصر تمتلك المقومات الكاملة لصياغة نموذجها المعماري الخاص، ليس عبر التقليد، بل من خلال إعادة اكتشاف الذات المعمارية المصرية وصياغتها بلغة عالمية تواكب العصر.
دعوة لتكامل مؤسسي ومجتمعي في تبني "العمارة المصدّرة"
أوضح طلعت أن التحول نحو تصدير العمارة المصرية فكريًا وثقافيًا يتطلب رؤية مؤسسية واضحة، وتعاونًا مشتركًا بين الدولة، والمكاتب الاستشارية، والمطورين العقاريين، والجامعات.
واقترح مجموعة من الخطوات التي يمكن أن تسهم في ترسيخ هذا التوجه، من بينها:
المشاركة المنتظمة في المعارض المعمارية الدولية.
التفاعل مع المسابقات العالمية الكبرى.
تطوير برامج أكاديمية متخصصة في "العمارة المصرية المعاصرة" داخل الجامعات المحلية والعالمية.
دعم منصات العرض الرقمي والتوثيق المعماري لتوسيع الانتشار عالميًا.
العمارة المصرية.. بيان حضاري لا بد أن يسمعه العالم
واختتم الدكتور محمد طلعت تصريحاته بالتأكيد على أن المبنى المصري المعاصر لم يعد مجرد منتج هندسي، بل أصبح بيانًا حضاريًا يحمل في طياته فلسفة الدولة الحديثة، ويعيد للعمارة المصرية مكانتها كإحدى أدوات القوة الفكرية والثقافية في المنطقة والعالم.
وأضاف: "إننا أمام فرصة تاريخية لإعادة تموضع العمارة المصرية على الخريطة العالمية، كرسالة فكرية وفنية تستحق التقدير والتفاعل، لا مجرد حل عمراني لمشكلة إسكان."