حافظ السلماوي:مصر تسير بخطى واثقة لتصبح مركزًا إقليميًا لتصدير الكهرباءالنظيفة

يشهد قطاع الطاقة المتجددة في مصر حراكًا غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، مدفوعًا بإرادة سياسية قوية ورؤية وطنية طموحة تستهدف تحقيق التنمية المستدامة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
في هذا الإطار، أجرى موقع "نيوز رووم" حوارًا مع الدكتور حافظ السلماوي، أستاذ هندسة الكهرباء، الذي تحدث عن ملامح الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة، وآفاق تصدير الكهرباء إلى الخارج، ودور مصر في خريطة الطاقة الإقليمية والدولية.
وإلى نص الحوار :
بدايةً، كيف تقيّم وضع سوق الطاقة المتجددة في مصر حاليًا؟
السوق المصري يشهد اليوم تحولًا استراتيجيًا عميقًا في مجال الطاقة المتجددة. نحن أمام رؤية وطنية طموحة وضعتها الدولة تستهدف أن تتجاوز نسبة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة 65.7% بحلول عام 2040.
لكن الأهم من الأرقام هو أن هذه الاستراتيجية ليست مجرد خطة على الورق، بل تعبير عن إرادة سياسية قوية تسعى لتحقيق تحول طاقي مستدام يعتمد على التكنولوجيا الحديثة وانخفاض تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقات النظيفة.
من الناحية الاقتصادية، هل أصبحت الطاقة المتجددة أكثر جدوى من المصادر التقليدية؟
بالفعل، أصبح الاستثمار في الطاقة المتجددة اليوم مجديًا اقتصاديًا وجاذبًا ماليًا. تكلفة الكيلووات/ساعة من المصادر النظيفة أصبحت أقل من نصف تكلفة الإنتاج من محطات الغاز الحرارية الأكثر كفاءة.
هذا التحول الكبير في التكلفة يعزز من تنافسية الطاقة المتجددة، ويجعلها خيارًا استراتيجيًا ليس فقط بيئيًا بل أيضًا ماليًا واقتصاديًا.
ما الذي يجعل السوق المصري بيئة جاذبة للاستثمار في هذا المجال؟
مصر تمتلك إطارًا قانونيًا وتنظيميًا مستقرًا وواضحًا، يحمي حقوق المستثمرين ويؤسس لبيئة عمل شفافة. هناك نظام عقود متكامل يمنح المستثمرين الثقة ويقلل من المخاطر، مما يجعل السوق المصري واحدًا من أكثر الأسواق أمانًا للاستثمار طويل الأجل في الطاقة المتجددة.
ما هي أبرز ملامح خطة التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة؟
مصر تنتج حاليًا نحو 3000 ميجاوات من الطاقة الشمسية، وهناك خطة طموحة للوصول إلى 25 ألف ميجاوات بحلول عام 2040. هذا التوسع الهائل يعني فتح فرص استثمارية ضخمة، وخلق سوق طاقي مستدام يدعم النمو الاقتصادي ويحافظ على البيئة في الوقت نفسه.
بالانتقال إلى ملف تصدير الكهرباء، ما موقع مصر في هذا المجال؟
تصدير الكهرباء من مصر لم يعد مجرد فكرة، بل أصبح توجهًا استراتيجيًا مدروسًا تدعمه مشروعات الربط الكهربائي الإقليمي والدولي.
مشروع الربط المصري السعودي يمثل خطوة محورية في هذا الاتجاه. الذروة في السعودية تكون صباحًا، بينما في مصر مساءً، ما يسمح بتبادل الطاقة بين البلدين حسب الحاجة.
المشروع بقدرة 3000 ميجاوات، وسيسهم في تحفيز إنتاج الطاقة المتجددة داخل مصر، خاصة الطاقة الشمسية، لأننا سنصدر الفائض نهارًا عندما يكون الإنتاج في أعلى مستوياته.
وماذا عن مشروعات الربط مع أوروبا؟
مشروع الربط الكهربائي مع اليونان لا يقتصر على تزويد اليونان فقط، بل يستهدف الأسواق الأوروبية بأكملها، خاصة وأن أوروبا تبحث عن مصادر طاقة نظيفة ومنخفضة التكلفة.
تكلفة إنتاج الكهرباء في مصر أقل كثيرًا من أوروبا، وهذا يمنحنا ميزة تنافسية قوية.
كما هناك مقترح لمد خط ربط جديد مع إيطاليا بقدرة 3000 ميجاوات قابلة للتوسع، ما يعزز موقع مصر كمصدر رئيسي للطاقة في المنطقة.
كيف ترى مستقبل مصر في خريطة الطاقة العالمية؟
مصر تمتلك كل المقومات لتصبح مركزًا إقليميًا لتصدير الكهرباء النظيفة. موقعنا الجغرافي يربط بين الشرق الأوسط وأوروبا، ولدينا ثروات طبيعية من الشمس والرياح لا تتوافر في كثير من الدول.
ومع اكتمال مشروعات الربط مع السعودية واليونان وإيطاليا، ستكون القاهرة محطة رئيسية في شبكة الطاقة العابرة للقارات، ومركزًا لتبادل وتصدير الكهرباء المتجددة للأسواق الإقليمية والعالمية.
في الختام، كيف تترجم هذه الخطوات على المستوى الوطني؟
التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة هو مكون أساسي لاستراتيجية التنمية الوطنية، ويعبّر عن التزام مصر بالتحول نحو اقتصاد أخضر مستدام.
ما يجري اليوم ليس مجرد تطوير لقطاع الكهرباء، بل هو بناء لمستقبل اقتصادي جديد قائم على الطاقة النظيفة، والابتكار، والشراكة بين الدولة والقطاع الخاص.
مصر تسير بخطى واثقة نحو أن تكون نقطة ارتكاز إقليمية لتصدير الكهرباء النظيفة، مدعومة بإرادة سياسية، واستثمارات ضخمة، وموقع جغرافي استراتيجي يجعلها لاعبًا رئيسيًا في سوق الطاقة العالمي.