دار الإفتاء توضح حكم إعمار المساجد وتزيينها في ضوء التطورات العمرانية المعاصرة

مع توسع العمران وتطور فنون البناء في عالمنا المعاصر، تتجه الأنظار إلى المساجد التي باتت تُشيَّد بأجمل التصاميم وأرفع المواد، ما يثير تساؤلات البعض: هل يُعد تزيين المساجد وتجميلها أمرًا مشروعًا في الشريعة؟ أم أنه بدعة أو إسراف يتنافى مع الزهد والتواضع؟
وفي ضوء تغيُّر الأعراف وارتفاع مستويات البناء في البيوت والمرافق، تؤكد الفتوى أن إبقاء المساجد على حالة من البساطة المفرطة قد يوقع في النفور أو التقليل من شأنها في أعين الناس، ولذلك شرع الإسلام أن تكون المساجد في رفعة ظاهرها وجمالها لائقة بمكانتها.
حكم إعمار المساجد وتزيينها
في ظل التطورات العمرانية الحديثة وارتفاع مستوى البناء والتشييد، تصدر دار الإفتاء المصرية بيانًا شرعيًا يوضح حكم إعمار المساجد وترميمها وتزيينها، مؤكدًا أن ذلك من الأمور المشروعة والمأمورة في الإسلام، لما له من أثر إيجابي في تعظيم شعائر الله تعالى.
وأوضحت الدار أن الإسلام يحث على عمارة المساجد، مستشهدة بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [التوبة: 18]، وقوله سبحانه: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾ [النور: 36]، وهو ما يدل على مشروعية بناء المساجد ورفعها وتزيينها، وعدم الاقتصار على بنائها فقط. كما نوهت إلى أن زخرفة المساجد وكتابة آيات القرآن الكريم عليها أمر مستحب، لأنه من التعظيم والتقديس لشعائر الإسلام.
وأضافت دار الإفتاء أن علماء الفقه عبر العصور أجازوا زخرفة المساجد ونقشها بألوان وأنواع مختلفة من الزينة، مؤكدين أن ذلك ليس بدعة، بل هو امتثال للأمر الشرعي في رفع المساجد وتعظيمها، مشيرين إلى أن أول من زين المسجد الحرام بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، وعمر بن الخطاب وزاد فيه، وكذلك عثمان رضي الله عنه بنى وزاد وزخرف المسجد.
وأكد البيان أن التغيرات الاجتماعية والحضارية تفرض تغييرًا في التعامل مع مسألة تزيين المساجد، حيث أصبحت الزخرفة علامة على التعظيم والرمز إلى التقديس، وأصبح الناس يتفننون في تزويق بيوتهم ومبانيهم، فلا يجوز أن تقل مكانة المساجد عن البيوت العادية في هذا الجانب.
وأشار البيان إلى أن ذلك لا يعني التبذير أو المبالغة في الزينة، بل يجب الاعتدال وعدم الإسراف، حفاظًا على مقاصد الشريعة. كما ذكر أن إعمار المساجد ليس فقط بالزينة، بل يشمل الترميم والصيانة المستمرة لضمان استمرارية أداء الصلاة وراحة المصلين.
وختمت دار الإفتاء بقولها إن إعمار المساجد وتشييدها وتزيينها من الأمور التي حث عليها الإسلام، ويعد تعبيرًا عن الإيمان والتقوى، كما أن ذلك يعكس حضارة المسلمين ويعزز من مكانة المسجد في المجتمع، ويجعل الناس يحرصون على أداء الصلاة والخشوع داخلها.