عاجل

متحدث «الري»: إثيوبيا خزّنت مياه السد مبكرًا لأغراض دعائية

سد النهضة
سد النهضة

كشف المهندس محمد غانم، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والري، عن تفاصيل جديدة حول أسلوب إدارة إثيوبيا لمياه السد الإثيوبي خلال الفترة الأخيرة ، وأوضح أن أديس أبابا قامت بتخزين كميات ضخمة من المياه بنهاية شهر أغسطس، وبصورة أكبر مما كان متوقعًا، مع تقليل كبير في التصريفات المائية، وهو ما يخالف النمط المعتاد من التخزين التدريجي الذي يستمر عادة حتى شهر أكتوبر.

وأكد غانم، خلال مداخلة تلفزيونية مع الإعلامية رغدة منير على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن إثيوبيا لجأت إلى هذه الخطوة بشكل مفاجئ، ليس لأسباب فنية أو هندسية، وإنما لتحقيق «لقطة إعلامية» أثناء مراسم افتتاح السد، حيث حرصت على أن يظهر السد ممتلئًا بالكامل، بما يعزز الصورة الدعائية أمام الرأي العام المحلي والدولي.

أهداف إعلامية ودعائية

وأشار المتحدث باسم وزارة الري إلى أن الهدف الأساسي من التخزين الكثيف لم يكن مرتبطًا بخطط تشغيل التوربينات أو إدارة الموارد المائية، بل جاء في إطار الرغبة الإثيوبية في تقديم مشهد بصري يوحي بالإنجاز الكبير ، وأوضح أن المشهد الدعائي اكتمل بظهور المياه وهي تتدفق من الممر الأوسط للسد، وهو ما تم الترويج له على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام الإثيوبية.

وأكد غانم أن هذه الخطوة تمثل خروجًا عن المسار الفني السليم المتعارف عليه في إدارة مثل هذه المشروعات الضخمة، حيث كان من المفترض أن يتم التخزين تدريجيًا وصولًا إلى أكتوبر، ثم البدء في تشغيل التوربينات إذا كانت جاهزة للعمل بكفاءة.

إفراج مفاجئ عن مليارات الأمتار المكعبة

وأضاف غانم أن امتلاء السد بشكل غير متدرج أجبر السلطات الإثيوبية على فتح بوابات السد وإطلاق كميات ضخمة من المياه دفعة واحدة، بلغت نحو 2 مليار متر مكعب ، وأوضح أن هذه الكمية لم يكن من الضروري إطلاقها في الظروف الطبيعية، لكن امتلاء السد مع غياب أي سعة تخزينية إضافية، وتزامن ذلك مع موسم الأمطار الغزيرة، فرض على إثيوبيا هذا التصرف غير المدروس.

وحذر المتحدث الرسمي من أن مثل هذه الإجراءات غير المنسقة تحمل مخاطر مباشرة على دول المصب، إذ إنها تفتقر إلى أي نوع من التشاور المسبق أو التنسيق الفني، وهو ما يزيد من احتمالية حدوث تأثيرات مفاجئة على المجتمعات الزراعية الواقعة على ضفاف نهر النيل.

تجاوز فني خطير

وأوضح غانم أن ما حدث يعكس تجاوزًا فنيًا واضحًا في إدارة السد، ويكشف غياب الالتزام بالمعايير الدولية المتعارف عليها في مشروعات الأنهار المشتركة ، وأضاف أن مصر طالما أكدت على أهمية التنسيق والتشاور قبل اتخاذ أي خطوات أحادية تتعلق بمعدلات التخزين أو التصريفات، حرصًا على عدم تعريض حياة ومصالح ملايين المواطنين في دول المصب للخطر.

وأكد أن السد الإثيوبي ما زال يطرح الكثير من التساؤلات بشأن جاهزية التوربينات، ومدى قدرة البنية الهندسية على العمل بكفاءة، خاصة في ظل غياب الشفافية الكاملة حول تفاصيل التشغيل وخطط الإدارة المستقبلية.

تحذيرات مصرية مبكرة

وفي سياق متصل، أشار غانم إلى أن وزارة الموارد المائية والري اتخذت خطوات استباقية لمواجهة أي احتمالات لارتفاع مناسيب النيل. فقد أرسلت الوزارة، في السابع من سبتمبر الماضي، خطابات رسمية إلى جميع المحافظات النيلية، لتحذير المواطنين المقيمين أو المتعدين على أراضي طرح النهر من خطورة بقاء ممتلكاتهم في هذه المناطق، لاحتمال تعرضها للغمر بمياه الفيضان.

وأوضح أن هذه التحذيرات جاءت في إطار سياسة الدولة المصرية لحماية المواطنين والحفاظ على أرواحهم، حتى وإن كانت هذه التعديات غير قانونية.

حماية المواطنين أولوية

وشدد غانم على أن الدولة تضع في مقدمة أولوياتها الحفاظ على حياة المواطنين، قائلاً: «رغم أن هذه التعديات غير قانونية، فإننا نؤكد أن هؤلاء هم أهلنا، والحفاظ على حياتهم أولوية مطلقة للدولة المصرية». وأوضح أن المحافظات والأجهزة المحلية تواصلت مع الأهالي بشكل مباشر، لمطالبتهم بإخلاء الأراضي المنخفضة القريبة من مجرى النهر، ونقل متعلقاتهم الشخصية إلى أماكن أكثر أمانًا.

استجابة المحافظات وتعاون الأهالي

وأكد المتحدث باسم وزارة الري أن الاستجابة من جانب المحافظات جاءت سريعة وفعالة، حيث تم التواصل مع المواطنين على الأرض لتوعيتهم بخطورة البقاء في هذه المناطق ،كما أبدى العديد من الأهالي تعاونًا ملحوظًا في إخلاء الأراضي وإبعاد ممتلكاتهم، وهو ما يعكس الوعي بخطورة الموقف.

رسالة مصر للمجتمع الدولي

واختتم غانم حديثه بالتأكيد على أن مصر تتحرك وفق نهج متوازن يجمع بين حماية مصالحها المائية وضمان الأمن المائي لمواطنيها، وبين الالتزام بالقواعد الدولية الحاكمة لإدارة الأنهار المشتركة ، وأوضح أن الرسالة المصرية للمجتمع الدولي تظل واضحة، وهي ضرورة احترام قواعد التعاون، وعدم اتخاذ خطوات أحادية من شأنها تعريض استقرار وأمن شعوب المنطقة للخطر.

تم نسخ الرابط