هم يبكي وهم يضحك.. صغار قرية دلهمو حولوا مأساة الغرق لساحة تجديف بالطشت

استغل عدد من أطفال قرية دلهمو التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية، ارتفاع منسوب مياه الفيضان التي غمرت المنازل والأراضي الزراعية، في ممارسة هواية السباحة وسط الشوارع المغمورة.
ولجأ أطفال آخرون إلى استقلال "جردل" و"طشت" كقوارب بدائية للتنقل بين المياه، في مشهد جمع بين البراءة والمرح من جانب، ومعاناة الأهالي من جانب آخر الذين يعيشون مأساة حقيقية بعد غرق بيوتهم وأراضيهم.

المشهد الذي وصفه الأهالي بأنه "هم يبكي وهم يفرح"، يعكس طبيعة المصري المعروف بجبروته وصموده في مواجهة الأزمات، حيث يحاول أن يجد في قلب الكارثة فسحة أمل أو لحظة فرح.
وفي سياق متصل، يعيش أهالي قرية دلهمو التابعة لمركز أشمون مأساة إنسانية منذ أكثر من 15 يومًا، بعدما غمرت مياه فيضان النيل منازلهم وأراضيهم الزراعية، وحولت حياتهم إلى صراع يومي مع الغرق والخوف، حيث يستخدم الأهالي “الطشت” والقوارب البسيطة كوسيلة للتنقل وكأنهم عادوا بالزمن مئات السنين.
بين جدران مغمورة بالمياه، وأرض فقدت خضرتها، وأطفال يتنقلون في "طشت" صغير للوصول إلى مدارسهم، يروي الأهالي المتضررين فصول معاناة قاسية لم تتوقف عند حدود غرق المنازل، بل امتدت لتطرق أبواب الكرامة الإنسانية والاستقرار الأسري.
15 يوما من المعاناة
الأزمة لم تتوقف عند بيت العريس وحده، بل طالت عشرات الأسر التي بنت منازلها منذ سنوات على أراضي طرح النهر ودأبت على دفع إيجارات سنوية للري، لكنها اليوم تجد نفسها محاصرة بالمياه بلا بدائل سكنية أو حلول عاجلة.
أحد الأهالي، يروي كيف يضطر يوميا لعبور أطفاله في "طشت" حتى يصلوا إلى مدارسهم "بقالنا 15 يوم في المعاناة دي، أعدي عيالي وأرجع أغير هدومي علشان أروح شغلي".
مئات المواطنين بلا مأوى
ورغم أن أزمة فيضان النيل ليست جديدة على دلهمو، فإن هذا العام جاء أشد وطأة، بعدما ارتفع منسوب المياه بشكل غير مسبوق، وابتلعت البيوت والدور الأول بالكامل، تاركة الأهالي بين الاستغاثة ومحاولات التكيف مع واقع مؤلم، وبينما تتردد التحذيرات بضرورة الإخلاء، يصر السكان على البقاء، مرددين "نروح فين؟ دي بيوتنا ومش عندنا غيرها".

اليوم، يرفع أهالي قرية دلهمو بالمنوفية أصواتهم بنداءات عاجلة، مطالبين بحلول جذرية تحمي أرواحهم ومنازلهم، قبل أن يتحول فيضان النيل من كارثة مادية إلى مأساة إنسانية أكبر تهدد قرية بأكملها.