عباس شراقي:ضعف إيراد النيل الأزرق يكشف قصور سد النهضة ويتسبب في فيضانات مدمرة

قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن كميات التصريف من سد النهضة الإثيوبي انخفضت قليلًا أمس 30 سبتمبر، لتصل إلى نحو 633 مليون متر مكعب يوميًا، مقارنة بـ750 مليون متر مكعب خلال الأيام الماضية، لكنها مازالت تمثل أكثر من ضعف الإيراد الطبيعي للنيل الأزرق في هذا الوقت من العام، والذي يقدر بنحو 300 مليون متر مكعب.
وأوضح "شراقي"، أن منسوب النيل عند الخرطوم استقر عند 17.23 مترًا، أي بارتفاع قدره 73 سم فوق مستوى الفيضان، مشيرًا إلى أن الرقم القياسي التاريخي كان قد سُجل في 6 سبتمبر 2020 وبلغ 17.66 مترًا.
وأضاف أن الصور الفضائية كشفت عن غمر مياه الفيضان لمساحات واسعة من الأراضي الزراعية وبعض القرى الممتدة على طول النيل الأزرق وصولًا إلى منطقة الخرطوم والنيل الرئيسي شمال العاصمة السودانية.
الانخفاض التدريجي في تصريف سد النهضة
وتوقع "شراقي" أن يستمر الانخفاض التدريجي في تصريف سد النهضة خلال الأيام المقبلة حتى يصل منسوب البحيرة إلى 638 مترًا، وهو مستوى التخزين الطبيعي، مع ترك مترين إضافيين كاحتياطي للطوارئ.
وحذر من أنه في حال استمرار التصريف الكبير لفترة أسبوع آخر أو أقل، فقد يتعرض سد الروصيرص السوداني إلى مخاطر جسيمة قد تصل إلى الانهيار.
وأكد أن السد العالي في مصر يستقبل مياه الفيضان بكفاءة منذ أوائل سبتمبر، سواء القادمة من السدود السودانية أو من تدفقات سد النهضة، بالإضافة إلى بقية المصادر الطبيعية للنهر.
اتهمت مصر اليوم الأربعاء، إثيوبيا بالتسبب في الفيضانات الكارثية التي تضرب مناطق مختلفة في السودان، مشيرة إلى أن غياب التنسيق بشأن تشغيل سد النهضة فاقم الأزمة.
وقال بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، في تصريحات صحفية اليوم الأربعاء، على هامش قمة ميونيخ المنعقدة في مدينة العلا، إن "عدم التنسيق بشأن سد النهضة أدى إلى فيضانات مروعة في السودان"، مشددًا على أن أديس أبابا تتصرف بشكل أحادي رغم التحذيرات المتكررة من دولتي المصب.
وأضاف عبد العاطي: "نهر النيل ليس نهرًا محليًا يخضع لإرادة دولة واحدة، بل نهر دولي تحكمه اتفاقيات وقوانين ملزمة"، محذرًا من كارثة أكبر في حال تعرض المنطقة لـ"جفاف ممتد قد يستمر لـ5 أعوام"، وهو سيناريو يحدث كل 50 عامًا، وقد تكون له آثار مدمرة على مصر والسودان معًا.

الخرطوم تغرق.. والشقيلاب تتحول إلى جزيرة
ورصدت كاميرات الإعلام والناشطين في جنوب العاصمة السودانية الخرطوم مشاهد درامية من أحياء غمرتها المياه بشكل كامل، خاصة في منطقة الشقيلاب التي بدت وكأنها جزيرة محاطة بالماء من كل جانب، حيث لجأ السكان إلى القوارب الصغيرة للتنقل بين منازلهم المحاصرة.
ويعود ارتفاع منسوب النيل الأبيض هذا العام إلى معدلات غير مسبوقة مقارنة بالسنوات السابقة، وهو ما ربطه خبراء ومراقبون بتأثيرات مباشرة لامتلاء سد النهضة الإثيوبي، والذي تخطى سعة التخزين خلال موسم الفيضان، دون تنسيق أو ضبط مع دولتي المصب.
أزمة مزمنة.. وسد خارج السيطرة
يشار إلى أن مشروع سد النهضة، الذي بدأت إثيوبيا بناءه قبل أكثر من عقد، لا يزال موضع خلاف بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، إذ لم تفض جولات التفاوض المتعددة إلى أي اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، رغم الوساطات الأفريقية والدولية.

مصر تتهم إثيوبيا بالتسبب في فيضانات السودان
وتتهم مصر إثيوبيا بانتهاج سياسة "فرض الأمر الواقع"، في حين تبرر الأخيرة خطواتها بأنها تهدف لتوليد الكهرباء وتحقيق التنمية. لكن في المقابل، يرى محللون أن التحكم غير المنظم في مياه النيل قد يحوّل السد من أداة تنمية إلى أداة تهديد إقليمي، خاصة في ظل أزمات المناخ والتغيرات البيئية.