عاجل

لا أجدُ تفسيرًا لهدم منشآت تمتْ تحت إشراف الحكومة، وأُنفقت عليها عشراتُ بل مئات الملايين، سوى أنه إهدارٌ للمال العام، واستفزازٌ للبسطاء ممن يُعدُّ رغيفُ الخبز، وزجاجة الدواء أسمى ما يطمحون إليه، وكلاهما - للأسف - صار في خَبر كان، بعد قرار الحكومة الأخير زيادة ثمن رغيف الخبز أربعة أضعاف سعره، وربما القادم أسوأ، إضافة إلي ندرة الدواء، وارتفاع سعره - هذا إن وُجد - بما لا يُناسِب محدودي الدخل، الذين صاروا فريسة للجوع والمرض .
وبالرغم من أنَّه لم يمر زمنٌ طويل على جريمة بناء، وهدم جراج رمسيس مُتعدد الطوابق، الذي خسرت خزانةُ مصر بسببه ملايين الجنيهات، إلا أنَّ التجربة تتكرر وبصورة فجة، في أكثر من مكان، داخل ربوع مصر، وهو ما يُثبِت أنّ كثيرا من المسئولين، لايتعلمون من أخطاء من سبقهم، وأنهم يعزفون خارج السرب، ويكون ضحية ذلك العبث، هو المواطن البسيط !
واللافت أنه تتعدد صورُ إهدار المال العام في ربوع مصر، من تلك الصور، علي سبيل المثال لا الحصر، ما رصدتُه بمدينة بنها - مسقط رأسي - حيث تم إنشاء مجموعة كباري مُتخاصِمة بمدخلها القبلي (قبلي و بحري) الرياح التوفيقي، تكلفتْ عشرات الملايين، وأغفلت الإدارةُ الهندسية المُشرفة على إنشائها الربط بينها؛ مما قلّل من استخدامها، وأحدثَ تحتها زحاما واختناقا مروريا، يؤكد أنًه مشروعٌ غير مدروس، لم تتحقق منه الفائدة المرجوة، ويتطلب مُحاسبة من قام به، وأشرف على تنفيذه .
ومن الصور العبثية أيضا بناءُ سلالم خرسانية بنفس المدينة؛ لنقل المشاة من شرق السكة الحديد إلى غربها والعكس، ثم هدمها لتحلّ محلها سلالم كهربائية متوقِّفة طوال الوقت، وهو ما يدعو للدهشة، ويُصيبُ مُستخدمي هذه السلالم، خاصة كبار السن، بالحسرة؛ لعجزهم عن استخدام هذه السلالم المتوقفة في الصعود والهبوط . 
والسؤال .. لمصلحة من هذا الهدم والبناء غير المدروس ؟  
ومن صور العبث أيضا، وبرغم أزمة الكهرباء الطارئة، التي واجهتها الحكومة مؤخرا بتخفيف الأحمال ( المُجدوَل )، إضاءةُ أعمدة الطرق نهارا وانطفاؤها ليلا !
كما أنّ من الصور السلبية كذلك، القطعُ الجائر للأشجار على جانبي المجاري المائية بحجة الاستفادة من الثروة الخشبية دون زراعة غيرها، فعمّ التصحرُ تحت لهيب الشمس .
وأخيرا أقول: برغم جهود التنمية الملموسة مؤخرا، إلا أنّه تتعدد صور الفساد، والإهمال في شتى بقاع مصر، وهو ما يؤكد أنّ أزمتنا أزمة ضمير لا أزمة موارد .. فأفيقوا يرحمكم الله .

تم نسخ الرابط