كيف يكون الابتلاء بكثرة النعم وهل يدل على الرضا؟.. عالم أزهري يوضح

هل يكون الابتلاء بكثرة النعم؟، الإجابة حسبما ذكر الدكتور غانم السعيد العميد السابق بجامعة الأزهر تحت عنوان : «النِّعَم... ابتلاءٌ واختبار»، نعم، حيث إن النِّعَمُ ليست ديمومةً بغير شكر، ولا أماناً مع الغفلة، وإنما هي ابتلاءٌ واختبار؛ فمن عرف حقَّها وحفظ قدرها، زاده الله منها وبارك له فيها، ومن بدَّدها في طرق الحرام خسرها، وخسر معها نقاء قلبه وصفاء ضميره.
هل يكون الابتلاء بكثرة النعم؟
وتابع «السعيد» من خلال صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: ما أعظم الخطر حينما تُستغلُّ نعمة الجاهُ أو السُّلطان في ظلم العباد، وقطع أرزاقهم، وانتهاك حرماتهم، كأن صاحبها قد نسي أن المُلك لله يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء، وظن أن لا يد تطاله ولا رادع يوقفه. وما ذلك إلا إمهال من الله، ليرى: هل له من رجعة؟ هل له من أوبة؟، فإذا أصرَّ على غيِّه، وأعرض عن طريق العودة، رفع الله عنه ستره، وكشف للناس خفاياه، ليُدرك هو وغيره أن الله لا يظلم أحدًا، وأن نقمته إذا حلَّت لا مردَّ لها.
واختتم بقوله: «فسبحان من يمهل ولا يهمل، وما ربك بظلاَّم للعبيد»، داعيًا: اللهم استر عيوبنا، واغفر ذنوبنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
تفسير قوله تعالى: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً»
يقول الحق سبحانه وتعالى: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً»[الأنبياء:35] أي: نختبركم بالمصائب تارة، وبالنعم أخرى، لننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط، كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:{وَنَبْلُوكُمْ}، يقول: نبتليكم بالشر والخير فتنة، بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية والهدى والضلال.
جاء في تفسير البغوي: (كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم) نختبركم (بالشر والخير) بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، وقيل : بما تحبون وما تكرهون، (فتنة) ابتلاء لننظر كيف شكركم فيما تحبون، وصبركم فيما تكرهون، (وإلينا ترجعون).
هل يكون الابتلاء حبًا؟
يقول سائل: ما معنى حديث: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا ابْتَلَاهُ»؟ وهل بالفعل هناك ابتلاء يدل على الرضا وابتلاء آخر يدل على الغضب؟، لتجيب دار الإفتاء: الابتلاء قدرٌ من أقدار الله تعالى، ولا يُحكم عليه بظاهره بالضر أو النفع، كما أنَّه لا ينبغي للعبد أن ييأس من رحمة ربه، أو أن يضجر من الدعاء، أو يستطيل زمن البلاء، وليعلم أنه من أمارات محبة الله للعبد، وأن معنى الحديث الوارد في السؤال أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد بالعبد خيرًا اختبره وامتحنه بأيِّ نوع من أنواع الابتلاء.
وتابعت: يفرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب بأن ابتلاء الرضا هو الذي يُقابل من العبد بالصبر على البلاء، وابتلاء الغضب يُقابل بالجزع وعدم الرضا بحكم الله تعالى، وأيضًا فإنَّ ابتلاء الغضب باب من العقوبة والمقابلة، وعلامته عدم الصبر والشكوى إلى الخلق، وابتلاء الرضا يكون تكفيرًا وتمحيصًا للخطيئات، وعلامته وجود الصبر الجميل من غير شكوى ولا جزع، ويكون أيضًا لرفع الدرجات، وعلامته الرضا وطمأنينة النفس والسكون لأمر الله سبحانه وتعالى.