خارطة طريق ترامب في غزة.. هل هي سلام أم لعبة سياسية؟

أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خطة مفاجئة بشأن قطاع غزة، مثيرًا موجة من الجدل داخل الأوساط السياسية والإعلامية، ففي الوقت الذي وصفها فيه البعض بأنها خطوة نحو إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، اعتبرها آخرون مجرد خدعة استراتيجية تستهدف تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية أوسع، سواء في المنطقة أو على صعيد الانتخابات الأميركية المقبلة.
وفي السطور التالية نستعرض لكم كافة التفاصيل بشأن هل تمثل هذه الخطة تحولًا حقيقيًا في نهج واشنطن، وهل يسعى ترامب فعلاً إلى حل، أم يستخدم غزة كورقة في لعبة نفوذ أوسع؟
"خارطة الطريق للسلام في غزة"
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من البيت الأبيض، عن ما وصفه بـ"خارطة الطريق للسلام في غزة"، مؤكدًا أن نهاية الحرب التي استمرت لنحو عامين باتت "قريبة جدًا"، ولكن الخطة، التي تضم 20 بندًا، لم تمر بهدوء، بل أشعلت الجدل محليًا ودوليًا، وسط تساؤلات عمّا إذا كانت مبادرة حقيقية للسلام أم مجرد ورقة سياسية جديدة تُعيد ترتيب التحالفات والنفوذ في المنطقة.
وخلال استقباله لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، شدد ترامب على أن هذه الخطة تمثل "الفرصة الأخيرة" لإنهاء الصراع، محذرًا في الوقت ذاته من أنه سيمنح إسرائيل الضوء الأخضر لمواصلة العمليات العسكرية، إذا رفضت حركة "حماس" المقترح.
خطة على الطاولة قبل عرضها رسميًا
بحسب مصادر دبلوماسية رفيعة، عرضت الخطة على القادة العرب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قبل أن تعرض رسميًا على "حماس" عبر وسطاء من قطر ومصر.
وتحدد الخطة جدولًا زمنيًا حاسمًا، وقف العمليات العسكرية خلال 48 ساعة من القبول، وإطلاق سراح الرهائن مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك النساء والأطفال.
وللمرة الأولى، تتحدث الخطة عن انسحاب إسرائيلي تدريجي وتسليم مناطق في غزة لقوة أمنية دولية مؤقتة، كما تنص على إنشاء إدارة مدنية تكنوقراطية في غزة، لا تتبع حماس ولا السلطة الفلسطينية، تحت إشراف هيئة دولية جديدة تعرف باسم "مجلس السلام"، يترأسه ترامب شخصيًا، ويضم شخصيات مثل توني بلير.
حماس خارج المعادلة، والسلطة الفلسطينية في الظل
تشترط الخطة تجريد غزة من السلاح بالكامل، وتفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس، مقابل عفو عام لعناصرها الذين يوافقون على نزع السلاح أو المغادرة الآمنة إلى "دول مستقبِلة"، لم تحدد هويتها بعد، و تبعد الخطة السلطة الفلسطينية عن المشهد حاليًا، مشترطة تنفيذها لـ"برنامج إصلاحي شامل" قبل أن ينظر في إمكانية استعادتها السيطرة على غزة.
وأبدى رئيس وزراء الاحتلال دعمه العام للخطة، لكنه تحفظ على فكرة عودة السلطة الفلسطينية، قائلاً إن "الحكم في غزة لن يكون بيد حماس أو السلطة"، مؤكدًا أن أي إخلال بالخطة سيقابل برد عسكري حاسم.
وتتضمن الخطة في صيغتها المحدثة، بنودًا مثيرة للجدل، أبرزها مقايضة رفات الضحايا، وتكريس فكرة "غزة الجديدة" كمنطقة خالية من التهديد، لكنها تخلو من أي جدول زمني واضح لتنفيذ المراحل أو ضمانات قانونية تلتزم بها إسرائيل.
ووصفت صحف فرنسية كبرى، مثل ليبيراسيون ولوموند، الخطة بأنها "مشروع سلام شكلي"، و"عرض استسلام ناعم"، يحمل غزة كل الالتزامات دون تقديم أفق سياسي حقيقي للفلسطينيين، بل حذرت لاكروا من أن الاعتراف المتأخر بفلسطين لا يجب أن يأتي بعد تفريغها من مضمونها وسكانها.
إعادة إعمار، أم مشاريع تجارية؟
وتشير الخطة إلى "رؤية اقتصادية طموحة" لإعمار غزة وتحويلها إلى منطقة جذب استثماري، بإشراف خبراء ساهموا في بناء "مدن معجزة" في الشرق الأوسط، دون ذكر أسمائهم أو ارتباطهم بالرئيس الأميركي أو شركائه.
وسبق لترامب وصهره جاريد كوشنر أن تحدثا عن غزة كـ"ريفييرا الشرق الأوسط"، وهو ما أثار شكوكًا بشأن النوايا الحقيقية وراء الخطة.
من اللافت أيضًا أن المقترح لا يذكر مؤسسة "غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة، والتي أثارت جدلًا واسعًا في الشهور الأخيرة، كما حذف الإشارة إلى تهديد سابق بشن هجوم على قطر.
قوة دولية، وحدود مؤقتة
تدعو الخطة إلى إنشاء قوة استقرار دولية (ISF) مدعومة من الولايات المتحدة ودول عربية، لتأمين غزة وتدريب قوات شرطة فلسطينية جديدة، بالتنسيق مع مصر والأردن، وستتولى هذه القوة أيضًا تأمين المعابر، ومراقبة إزالة السلاح، ومنع تسلل الذخائر.
كما تنص على أن إسرائيل "لن تضم غزة ولن تحتلها"، لكن وجود "محيط أمني" قد يستمر إلى حين "تأمين القطاع بالكامل"، ما يثير قلقًا بشأن نوايا الاحتلال طويلة الأمد.
أبرز البنود لخطة ترامب
1- وقف فوري لإطلاق النار بعد قبول الطرفين بالخطة.
2- تبادل فوري للرهائن والأسرى ورفات القتلى.
عفو عام لعناصر حماس الذين يتخلون عن السلاح.
3- نزع شامل للسلاح تحت إشراف دولي.
4- إدارة مدنية فلسطينية مؤقتة غير تابعة لحماس أو السلطة.
5- إنشاء "مجلس السلام" برئاسة ترامب للإشراف على إعادة الإعمار.
6- دعم دولي لتطوير البنية التحتية وإطلاق مشاريع اقتصادية كبرى.
7- قوة استقرار دولية مؤقتة لتأمين غزة.
8- حظر وجود عسكري لحماس وأي فصائل أخرى.
9- إطلاق حوار أديان وتعزيز ثقافة السلام.
10- عدم إجبار أي فلسطيني على مغادرة القطاع.
11- الاعتراف بـ"طموح الدولة الفلسطينية" دون التزام أمريكي مباشر بها.