لم يعد غريبا فى هذه الدنيا ان تقرأ عن تنكيل بالمدرس من تلميذ او من أسر ، وصار عاديا جدا ان تشاهد عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات لتلاميذ يسخرون من اساتذتهم ومن اسر تكيل كيلا للمدرسين وتفرغ عليهم الاتهامات وتصبها صبا، ولكن الغريب هو هذا التحرك من قبل وزير التعليم والذى جاء فى هذا الخبر الذى يقول متنه تحت هذا العنوان شكرا وزير التربية والتعليم :
بالامس اطالب اعتدي علي معلم أمام جميع المعلمين في ملعب المدرسه ومزق ملابسه ولم يكتف بذلك بل اتصل باهله ايضا وجاءوا بربطة معلم واعتدوا علي مديرة المدرسة بعد اعتداءهم بالطبع على المدرس ، وفور سماع الوزير وبعد ساعة واحدة من علمه بهذه الاحداث المخزية أرسل سيادته لجنة خاصة من الشئون القانونية في الوزارة لمحافظة القليوبية لمتابعة التحقيق في الواقعة وعرض النتيجة عليه بشكل شخصي وقال لهم بالحرف : مفيش حد هيروّح لحد التحقيقات ما تخلص .. والتحقيقات خلصت في وقت متأخر من ليلة أمس والموضوع اتعرض على الوزير النهاردة الصبح .. والقرار اتاخد بأقصى عقوبة تربوية ضد الطالب :
-فصل عام دراسي كامل للطالب
-ورسوبه هذا العام
-ويُحرم من دخول الامتحانات ....
- تكليف الشئون القانونية في الوزارة بالدفاع عن حق المعلم .. وتم حبس الطالب أربع أيام على ذمة القضية .. وإحالة ولي الأمر إلى النيابة العامة بتهمة اقتحام المدرسة والاعتداء على المدير والوكيل ..
واختتم الخبر بعبارة اللى مترباش يتربى ..الخبر انتهى والاحداث ستنسى مثل غيرها مما نعيشه منذ تبعات الربيع العربى وانفلات الاخلاق وتدفق السلبيات وظهور كل ماهو سيء ومخزى فى مجريات حياتنا تحت مسمى الحرية والتقدم والتحرر . اهانة المدرس من تلميذه واهله هى نتاج لتداعيات قديمة مهد لها الاعلام السلبى فى الافلام والمسرحيات ومن بينها بل على رأسها مدرسة المشاغبين التى أظهرت ورسخت لفكرة الاستهانة بالمعلم ومن بعدها الافلام التى ظهر فيها المعلم مكسورا على استعداد للتنازل مقابل المادة متخليا عن قيم الحق مقابل لقمة سائغة وأصفار بنكية ، اهانة المعلم تواصلت بكافة الطرق وعبر كافة المنافذ الاعلامية والتربوية والاسرية التى لم تعط للمعلم منفذا واحدا يدافع من خلاله عن نفسه وصورته ورسالته السامية ، فالمعلم الذى كان فى القدم يرفع له القبعة ويشاد به فى كافة المناسبات والمحافل أصبح الان فى موقف لايحسد عليه ، فهو محاصر بواجبات وطنية ورسالة تعليمية عليه ان يقدمها على اكمل وجه وهو فى نفس الوقت يحمل معه هموم اسرية وضيقة مادية وحصار من قبل المنظومة الاخلاقية التى هو عليها والتلاميذ الذين يحملون معهم روح العصر المتسيب السائب ، المعلم مطالب بالكثير والكثير وغير مسموح له الا بأقل القليل . لم يعد حاليا يقال له كما كان يقال قديما : قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا ؛ بل اصبح يقال له: قم للمعلم وفه التلطيشا كاد المعلم ان يكون شاويشا… القضية ليست فى حادث او حادثة يهان فيها المعلم من تلميذه واسرة التلميذ يتبعه اهتمام الوزير واصداره قرارات برد حق المعلم ولكن القضية صارت اعمق من ذلك واقوى هى قضية وطنية بالدرجة الاولى تستلزم سياسة جديدة لاصلاح المنظومة التعليمية برمتها وابراز دور الاسرة بصفة خاصة فى انجاح هذه المنظومة التى تعد ضلعا راسخا من اضلاع عملية التنمية التى تسعى الدولة لتحقيقها من اجل ارساء قواعد الجمهورية الجديدة . لن يشرق وجه مصر اشراقا كاملا وتعود ابتسامته تغطى كل مناحى المعمورة الا بمعلم وطنى محب لعمله متفانيا فيه وتلميذ مجتهد يعلم قيمة المعلم والعلم واسرة مصرية تستمد من الاسر السابقة ماكانت تكنه للمعلم من تقدير وتبجيل …