أستاذ علم اجتماع: غياب دور الأسرة وضعف الخطاب الديني أبرز أسباب التنمر

أكدت الدكتورة ريهام محيي الدين، أستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، أن ظاهرة التنمر أصبحت من أبرز القضايا التي تستدعي الاهتمام في المجتمعات العربية والعالمية على حد سواء، نظرًا لما تتركه من آثار نفسية وسلوكية خطيرة على الأطفال والمراهقين.
وأوضحت "محيي الدين" في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن التنمر يختلف عن العنف العابر، فهو سلوك متكرر ومتعمد يستهدف شخصًا بعينه، بهدف استعراض القوة واستغلال نقاط الضعف لديه، سواء في الشكل أو اللون أو العرق أو الدين أو حتى في التميز الدراسي.
وأشارت، إلى أن للتنمر ثلاثة أطراف: المتنمر، والمتنمر عليه، وجماعة المتفرجين أو المشجعين، لافتًة أن القائم بالتنمر غالبًا ما يكون قد تعرض في طفولته لظروف أسرية صعبة أفقدته الثقة بالنفس، فيسعى لإثبات ذاته بفرض سلطته على الأضعف منه.
حملة "أنا ضد التنمر"
وأوضحت، أن العلامات التي تكشف تعرض الطفل للتنمر قد تكون نفسية أو بدنية، من بينها: الانعزال الاجتماعي، رفض الذهاب إلى المدرسة، تراجع التحصيل الدراسي، أو ظهور كدمات وإصابات جسدية.
وأكدت محيي الدين، أن خطورة الظاهرة دفعت الدولة والمجتمع المدني إلى التحرك، حيث أطلق المجلس القومي للطفولة والأمومة بالتعاون مع اليونيسيف حملة "أنا ضد التنمر" عام 2019، والتي تلقت ما يزيد عن 50 ألف اتصال، بمعدل يومي بلغ ألفي استشارة، فيما جاءت محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية على رأس المحافظات الأكثر تسجيلًا للحالات.
وأضافت، أن المشرع المصري أدخل تعديلًا على قانون العقوبات عام 2020 بإضافة المادة (309 مكرر)، التي تنص على عقوبة الحبس والغرامة بحق كل من يمارس التنمر ضد أي شخص، باعتباره اعتداءً على الكرامة الإنسانية ومحاولة للإقصاء الاجتماعي.
دور الأسرة والمدرسة
وشددت على أهمية دور الأسرة والمدرسة في مكافحة الظاهرة، قائلة: "الطفل يجب أن يشعر بأن والديه مصدر دعم وأمان له حتى يستطيع البوح بما يتعرض له دون خوف، كما يجب على الأسر أن تربي أبناءها على احترام الآخرين وتقبل الاختلاف".
كما لفتت إلى الدور الإيجابي لمناهج التعليم الجديدة التي أدخلت مادة "القيم واحترام الآخر" منذ الصفوف الأولى، معتبرًة أن غياب التربية الأسرية السليمة، وضعف الخطاب الديني، وانتشار الألعاب الإلكترونية العنيفة ووسائل التواصل الاجتماعي، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الظاهرة.
وأكدت أستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، على أن مواجهة التنمر تتطلب تضافر جهود الأسرة، والمدرسة، والمؤسسات الدينية والإعلامية، مشيرًة إلى أن دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس خطوة مهمة لغرس ثقافة تقبل الاختلاف لدى الأجيال الجديدة.