عاجل

رفع أسعار المنتجات البترولية يضع أنبوبة البوتاجاز في صدارة المشهد

د.جمال القليوبي
د.جمال القليوبي

في ظل انتظار قرار لجنة التسعير التلقائي والمنتظر إعلانه خلال أيام قليلة ومع القرارات الأخيرة برفع أسعار المنتجات البترولية، عادت أسطوانة البوتاجاز إلى صدارة المشهد كأحد أهم أوجه معادلة الطاقة في مصر، خاصة أنها ما زالت تمثل عنصرًا أساسيًا في الاستهلاك المنزلي، رغم التوسع الكبير في مشروعات توصيل الغاز الطبيعي للوحدات السكنية خلال السنوات الماضية.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أن أنبوبة البوتاجاز تظل أداة رئيسية للاستخدام المنزلي منذ أكثر من ستة عقود، مشيرًا إلى أن الدولة ما زالت تدعمها رغم التراجع الكبير في الاستيراد بنسبة بلغت 43%.

استهلاك مصر من البوتاجاز

وأوضح القليوبي في تصريح خاص لـ"نيوز رووم" ، أن استهلاك مصر من البوتاجاز قبل عام 2017 كان يصل إلى نحو 4.3 مليون طن سنويًا، تنتج الدولة منها حوالي 2 مليون طن، بينما كان يتم استيراد 2.3 مليون طن من الخارج. 

لكن مع توسع الدولة في إدخال الغاز الطبيعي للمنازل، تراجع الاعتماد على الأسطوانة بشكل ملحوظ، حيث ارتفع عدد الوحدات السكنية التي وصلها الغاز من 6.8 مليون وحدة قبل 2017 إلى 15.4 مليون وحدة حاليًا، بينها 9.2 مليون وحدة دخلها الغاز خلال السنوات السبع الأخيرة فقط.

وأشار إلى أن هذا التحول أدى إلى انخفاض استهلاك أنابيب البوتاجاز اليومية من 1.4 مليون أسطوانة قبل 2017 إلى نحو 760 ألفًا فقط في 2025، وهو ما وفر على الدولة نحو 45% من فاتورة الاستيراد التي انخفضت من 189 مليون دولار شهريًا إلى 102 مليون دولار فقط.

وفيما يتعلق بالدعم، أوضح القليوبي أن الدولة تتحمل ما بين 37% إلى 38% من التكلفة الحقيقية للأسطوانة، لافتًا إلى أن سعر الأسطوانة المنزلية (12.5 كجم) يبلغ رسميًا 200 جنيه في المستودعات، لكنها تصل للمستهلك بسعر يتراوح بين 240 و250 جنيهًا، في حين أن تكلفة إنتاجها الفعلية تبلغ نحو 385 جنيهًا، وهو ما يعني أن الدولة تدعمها بحوالي 145 جنيهًا. أما الأسطوانة التجارية (25 كجم) فيصل سعرها إلى 400 جنيه.

رفع سعة التخزين

وأضاف أن مصر لا تعاني من أي مشكلات في توفير الأسطوانات بفضل رفع سعة التخزين في موانئ سوميد والسخنة ودمياط لتغطية أكثر من 45 يومًا من الاستهلاك، فضلًا عن توزيع التنكات لتشمل محافظات الصعيد والوادي الجديد وسيوة ومرسى مطروح، بما أنهى المركزية التي كانت القاهرة تتحملها سابقًا.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن" نيوز رووم" كانت قد تصدت بقوة لملف البوتاجاز في ظل حالة عدم استقرار الأسعار خلال شهر مايو الماضي، حيث سجلت الأسطوانة في بعض المناطق ما بين 250 إلى 300 جنيه. وخلال المؤتمر الصحفي لوزارة البترول، كشفت محررة “نيوز رووم” ليلى العبد حقيقة رفع السعر على المواطنين، وهو ما دفع وزير البترول إلى الاستجابة الفورية، وبالتنسيق مع وزارة التموين تم تشكيل لجان تفتيشية على المستودعات، لتثبت التحقيقات لاحقًا صحة ما أثارته “نيوز رووم”.

لكن القليوبي حذر من أن أزمة البوتاجاز لا تتعلق بالتوفر، بل بالتلاعب في الأسعار والسوق السوداء وضعف الرقابة على المستودعات، موضحًا أن بعض الأسطوانات ما زالت تطرح بحالة غير مناسبة.

ضمان التوزيع العادل

واقترح "القليوبي" إنشاء نظام رقمي يعتمد على "داتا لينك" لتتبع حركة الأسطوانة من الشركة حتى وصولها إلى المستهلك، وربط كل مستودع بعدد محدد من المستهلكين من خلال بطاقات رقمية لضمان التوزيع العادل والحد من التسريب للسوق السوداء.

كما أشار إلى أن مناطق مثل مرسى مطروح والوادي الجديد والبحر الأحمر ما زالت تعتمد بالكامل على الأسطوانة لعدم وصول الغاز الطبيعي إليها، مما يجعل قضية ضبط منظومة التوزيع أكثر إلحاحًا في تلك المناطق.

واختتم القليوبي بالتأكيد على أن قطاع البترول يمتلك الإمكانيات اللازمة للسيطرة على المنظومة عبر شركاته المتخصصة مثل "بوتاجاسكو"، مطالبًا بتمكينها من تنفيذ منظومة رقابية شاملة تضمن وصول الأسطوانة بالسعر الرسمي وبجودة مناسبة لكل مواطن.
 

تم نسخ الرابط