أزمة الوقود الروسية: الطوابير تكشف هشاشة الاقتصاد النفطي

تشهد روسيا منذ أغسطس الماضي أزمة وقود غير مسبوقة، مع تفاقم النقص الحاد في البنزين بأنواعه الأكثر شيوعاً، وإغلاق مئات المحطات في أكثر من 20 منطقة، من بينها القرم والشرق الأقصى.
الأزمة التي أثارت طوابير طويلة أمام محطات الوقود وارتفاعاً قياسياً في الأسعار، ارتبطت مباشرة بالهجمات الأوكرانية المكثفة على المصافي الروسية، إلى جانب عوامل اقتصادية داخلية وتداعيات العقوبات الغربية المستمرة منذ عام 2022.
الضغوط الخارجية
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي محمود جمال سعيد إن الأزمة الراهنة ليست مجرد اضطراب فني عابر، بل تعكس هشاشة البنية التحتية النفطية الروسية أمام الضغوط الخارجية.
تصاعد الهجمات الأوكرانية
وأوضح في تصريح خاص لـ"نيوز رووم" أن تصاعد الهجمات الأوكرانية بالطائرات المسيرة على المصافي الروسية أدى إلى تعطيل نحو 17% من القدرة الإنتاجية للتكرير، وهو ما تسبب في نقص حاد في البنزين.
وأضاف "سعيد" أن اعتماد الاقتصاد الروسي بنسبة تصل إلى 30% على إيرادات النفط يجعل تأثير الأزمة مضاعفاً، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة الداخلية إلى 20%، الأمر الذي أعاق قدرة محطات الوقود الخاصة – التي تمثل 40% من السوق – على التخزين أو الاستمرار في العمل، ما أدى إلى تفاقم النقص.
أسعار البنزين قفزت بنسبة تتراوح بين 40 و55%
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أسعار البنزين قفزت بنسبة تتراوح بين 40 و55% منذ بداية العام، لتسجل بعض المناطق أسعاراً قياسية بلغت 9 دولارات للغالون في السوق السوداء، وهو ما انعكس سلباً على قطاعات النقل والزراعة وحياة المواطنين اليومية.
تمديد حظر تصدير البنزين وفرض قيود على صادرات الديزل
وأكد "سعيد" أن استمرار العقوبات الغربية منذ 2022 يزيد من صعوبة الموقف، حيث تعاني روسيا من نقص المعدات اللازمة لإصلاح المصافي المتضررة، متوقعاً أن تلجأ الحكومة إلى حلول مؤقتة مثل تمديد حظر تصدير البنزين وفرض قيود على صادرات الديزل، غير أن هذه الإجراءات لن تعالج جذور المشكلة بقدر ما ستكشف أكثر عن هشاشة اقتصاد يعتمد بشكل مفرط على النفط في ظل صراع جيوسياسي متصاعد.