دماء ودموع ودخان.. 5 مشاهد مأساوية من حريق مصنع المحلة بالغربية

لم يكن صباح الجمعة في مدينة المحلة الكبرى كأي صباح آخر، فمع الساعات الأولي ارتفع الدخان الأسود فوق سماء حي اليماني، بعدما اندلع حريق مصنع المحلة، ليحول المبنى في ثوان إلى كتلة مشتعلة من اللهب والدخان.
صرخات العمال المحاصرين اخترقت جدران المصنع، بعضهم لوح بيديه من النوافذ في محاولة أخيرة للنجاة، بينما تعالت أصوات الاستغاثة المبحوحة، قبل أن تتسابق سيارات الإطفاء والإسعاف إلى الموقع في سباق مع الزمن.
رجال الإطفاء في حريق مصنع المحلة
وسط النيران العاتية والدخان الخانق، خاض رجال الحماية المدنية معركة شرسة لإنقاذ الأرواح، وجوههم اتسخت بالسواد، وأنفاسهم تعالت تحت ثقل المعدات، لكن عيونهم لم تهدأ.
أحدهم سقط من شدة الإرهاق، التقط أنفاسا سريعة ثم عاد ليقتحم ألسنة اللهب من جديد، بينما انهار جزء من المبنى، وجد أحد أفراد الفريق نفسه عالقا تحت الأنقاض، لكن زملاءه لم يتراجعوا، وخاضوا عملية دقيقة انتهت بانتشاله حيا، في مشهد أبكى الحاضرين.

انهيار صاحبة المصنع
وسط هذه الفوضى، ظهرت صاحبة المصنع في حالة انهيار كامل، تردد بصوت مبحوح: "أنا صاحبة المصنع اللي ولع.. وولادي اتحبسوا.. بيتي اتخرب"، مؤكدة أن الحريق لم يترك لهم شيئًا.
وأضافت باكية: "كل حاجة راحت.. نفسي أشوف المصنع وأعرف فضل فيه إيه بعد الخراب ده كله". كلماتها اختزلت حجم المأساة التي التهمت في دقائق سنوات من العمل وحياة كاملة.
بطولة قبل الموت وبعده
فقدت المحلة أحد أبنائها الأبطال، اللاعب محمود مدحت بطل التايكوندو ولاعب نادي جزيرة الورد، الذي حاول إخماد النيران وإنقاذ الأرواح حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
ومع انتشار أخبار الحادث، أطلق الأهالي دعوات عاجلة للتبرع بالدم، فتوافد العشرات على المستشفيات في مشهد تضامن إنساني يعكس قوة المجتمع أمام الكوارث.
وفي المقابل، أعلنت وزارة الصحة الدفع بـ26 سيارة إسعاف ونقل 35 مصابًا لتلقي الرعاية، مؤكدة أن الحادث أسفر عن وفاة 11 مواطنًا.
دموع اختلطت بالدخان
خارج أسوار المصنع، تحولت شوارع المحلة إلى ساحة حزن جماعي، دموع الأمهات اختلطت بالدخان، وصوت البكاء امتزج بأصوات صفارات سيارات الإنقاذ، على أبواب مستشفى المحلة العام، وقفت أسر الضحايا تتشبث بقوائم المصابين، بينما سيدة منهارة تردد: "ابني جوه ولسه ماخرجش"، والعيون تلاحق سيارات الإسعاف القادمة لعلها تحمل بشرى تنقذ القلوب المشتعلة.