الأذون والسندات.. ركيزة الدولة في إدارة الدين العام وموازنة الاحتياجات التمويل

في خضم الضغوط المتزايدة على الموازنات العامة، تلجأ الحكومات حول العالم إلى أدوات الدين كوسيلة رئيسية لإدارة العجز وتوفير السيولة، وتتصدر أذون الخزانة وسندات الخزانة قائمة هذه الأدوات، حيث يمثلان معًا جناحين يكمل كل منهما الآخر؛ أحدهما قصير المدى يواجه الاحتياجات العاجلة، والآخر طويل الأمد يرسخ استقرار التمويل ويمنح الثقة للمستثمرين.
وفي مصر، باتت هذه الإصدارات من الركائز الأساسية للسياسة المالية، مع تزايد اعتماد وزارة المالية على مزيج متوازن بينهما لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.
تُطرح أذون الخزانة عبر البنك المركزي المصري بالنيابة عن وزارة المالية، بفترات تتراوح بين 3 أشهر إلى عام واحد. وتُباع الأذون عادة بخصم من قيمتها الاسمية، ليحصل المستثمر عند الاستحقاق على كامل القيمة، ويكون الفارق هو العائد الفعلي.
سندات الخزانة استثمار طويل الأمد
على النقيض، تأتي سندات الخزانة كأداة دين طويلة الأجل تمتد من 3 إلى 15 عامًا، بعوائد ثابتة أو متغيرة تُصرف بشكل دوري (ربع سنوي أو نصف سنوي). وتناسب هذه السندات المستثمرين الباحثين عن دخل ثابت ومستقر.
الفرق بين الأذون والسندات
رغم كونهما أوراقًا مالية حكومية مضمونة، إلا أن الاختلاف الجوهري يكمن في المدة الزمنية وطبيعة العائد. فالأذون تخدم الأهداف قصيرة المدى وتُفضلها البنوك نظرًا لسرعة دورانها، بينما السندات تُعتبر أداة استراتيجية لتغطية احتياجات التمويل الطويلة الأجل، وتستقطب صناديق الاستثمار وشركات التأمين الباحثة عن استقرار وعوائد ممتدة.
لماذا تلجأ الدولة لهما؟
تلجأ وزارة المالية إلى هذا المزيج بهدف موازنة هيكل الدين العام، وتخفيف مخاطر إعادة التمويل المستمرة. فالأذون توفر تمويلًا سريعًا للمصروفات الحكومية، في حين تمنح السندات فرصة لإعادة جدولة الديون وتوزيع أعبائها على مدى أطول.
المستثمر أيهما أفضل؟
الاختيار بين الأذون والسندات يختلف بحسب طبيعة المستثمر:
من يبحث عن استثمار قصير الأجل بعائد سريع قد يفضل أذون الخزانة.
أما من يسعى إلى دخل ثابت ومنخفض المخاطر على مدى سنوات، فيجد ضالته في سندات الخزانة.
وبين هذا وذاك، تبقى الأذون والسندات وجهين لعملة واحدة، إذ لا يمكن الاستغناء عن أحدهما في معادلة التمويل، حيث يجتمعان معًا لدعم استقرار المالية العامة وتوفير مظلة آمنة لإدارة الدين العام.