حكم الإصغاء لحديث الزوجة عند العودة للبيت.. سنة نبوية مهجورة لا تغفلها

يغفل الكثير من الأزواج عن حكم الإصغاء لحديث الزوجة عند العودة إلى البيت، وهو من الأمور التي تتسبب في حدوث كثير من المشكلات الأسرية، فما حكم الإصغاء لحديث الزوجة؟
حكم الإصغاء لحديث الزوجة
تقول الدكتورة روحية مصطفى الأستاذ بجامعة الأزهر في حديثها عن فن الإصغاء في بيت النبوة، إن قليل من الأزواج اليوم من يصغي باهتمام لحديث زوجته، سواء كان حديثها عن يومها أو عن مواقف مرت بها أو قصص عن الآخرين في معرض السمر المباح.
وتابعت: كثيرًا ما نرى الزوج يعطي أذنه لزوجته وفكره شارد بعيدًا عنها، حتى إذا انتهت لم يتذكر من حديثها إلا القليل الذي لا يدل على متابعته لها.لكن إذا زرنا بيت رسول الله ﷺ في هذه الليلة المباركة، نجد مشهدًا مختلفًا تمامًا؛ إذ نراه يجلس مع الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها، يصغي إلى حديثها بكل اهتمام. تبدأ السيدة عائشة رضي الله عنها تروي له قصة عشر نسوة اتفقن على أن تصف كل واحدة منهن زوجها بأشهر صفاته، بكل وضوح وشفافية، سواء كانت صفات إيجابية أم سلبية.
إصغاء النبي لزوجاته باهتمام وتركيز
وروت السيدة عائشة القصة كاملة، والرسول الكريم يستمع لها بإصغاء وتركيز، دون أن يتأفف أو يمل من طول الحديث، ودون أن ينشغل عنها. وعندما انتهت من حديثها، لم يكتفِ بالاستماع الصامت، بل علّق تعليقًا أبهج قلبها وطمأنها، فاختار أجمل ما في القصة وهي قصة أبي زرع وأم زرع، وقال لها تطييبًا لخاطرها ودليلًا على حسن عشرته: "كنت لك كأبي زرع لأم زرع، غير أني لا أطلقك".
يا له من قلب رحيم، وزوج حانٍ، وحبيب عطوف! صلوات ربي وسلامه عليه. لقد قدّم لنا ﷺ درسًا عمليًا للأزواج في الإصغاء لشريكة حياتهم، ومشاركتها مشاعرها وأحاديثها، والاهتمام بما تقول، فهي لحظات تُبنى بها المودة وتزداد بها الألفة في البيت المسلم.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "جَلَسَ إحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وتَعَاقَدْنَ ألَّا يَكْتُمْنَ مِن أخْبَارِ أزْوَاجِهِنَّ شيئًا؛ قالتِ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ، علَى رَأْسِ جَبَلٍ، لا سَهْلٍ فيُرْتَقَى، ولَا سَمِينٍ فيُنْتَقَلُ، قالتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لا أبُثُّ خَبَرَهُ، إنِّي أخَافُ ألَّا أذَرَهُ، إنْ أذْكُرْهُ أذْكُرْ عُجَرَهُ وبُجَرَهُ، قالتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِيَ العَشَنَّقُ؛ إنْ أنْطِقْ أُطَلَّقْ، وإنْ أسْكُتْ أُعَلَّقْ، قالتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لا حَرٌّ ولَا قُرٌّ، ولَا مَخَافَةَ ولَا سَآمَةَ، قالتِ الخَامِسَةُ: زَوْجِي إنْ دَخَلَ فَهِدَ، وإنْ خَرَجَ أسِدَ، ولَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ، قالتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إنْ أكَلَ لَفَّ، وإنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وإنِ اضْطَجَعَ التَفَّ، ولَا يُولِجُ الكَفَّ لِيَعْلَمَ البَثَّ. قالتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ -أوْ عَيَايَاءُ- طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ له دَاءٌ، شَجَّكِ أوْ فَلَّكِ أوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ، قالتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي المَسُّ مَسُّ أرْنَبٍ، والرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، قالتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ العِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النَّادِ، قالتِ العَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، وما مَالِكٌ؟! مَالِكٌ خَيْرٌ مِن ذَلِكِ، له إبِلٌ كَثِيرَاتُ المَبَارِكِ، قَلِيلَاتُ المَسَارِحِ، وإذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ، أيْقَنَّ أنَّهُنَّ هَوَالِكُ، قالتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أبو زَرْعٍ، وما أبو زَرْعٍ؟! أنَاسَ مِن حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، ومَلَأَ مِن شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إلَيَّ نَفْسِي، وجَدَنِي في أهْلِ غُنَيْمَةٍ بشِقٍّ، فَجَعَلَنِي في أهْلِ صَهِيلٍ وأَطِيطٍ، ودَائِسٍ ومُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أقُولُ فلا أُقَبَّحُ، وأَرْقُدُ فأتَصَبَّحُ، وأَشْرَبُ فأتَقَنَّحُ، أُمُّ أبِي زَرْعٍ، فَما أُمُّ أبِي زَرْعٍ؟! عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابنُ أبِي زَرْعٍ، فَما ابنُ أبِي زَرْعٍ؟! مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، ويُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ، بنْتُ أبِي زَرْعٍ، فَما بنْتُ أبِي زَرْعٍ؟! طَوْعُ أبِيهَا، وطَوْعُ أُمِّهَا، ومِلْءُ كِسَائِهَا، وغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أبِي زَرْعٍ، فَما جَارِيَةُ أبِي زَرْعٍ؟! لا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، ولَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، ولَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا، قالَتْ: خَرَجَ أبو زَرْعٍ والأوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً معهَا ولَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِن تَحْتِ خَصْرِهَا برُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي ونَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وأَخَذَ خَطِّيًّا، وأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وأَعْطَانِي مِن كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وقالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ ومِيرِي أهْلَكِ، قالَتْ: فلوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أعْطَانِيهِ، ما بَلَغَ أصْغَرَ آنِيَةِ أبِي زَرْعٍ، قالَتْ عَائِشَةُ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ .(أخرجه البخاري ومسلم باختلاف يسير)، وزاد الطبراني : إلا أنَّ أبا زرعٍ طلَّق ، و أنا لا أُطلِّقُ .