عاجل

مساجد تاريخية|مسجد كتخدا شاهد على روح و عبق القاهرة القديمة

مسجد كتخدا
مسجد كتخدا

مسجد عثمان كتخدا القازدغلي، المعروف أيضًا بمسجد الكيخيا، هو أحد المعالم المعمارية والدينية البارزة التي شُيدت في القرن الثامن عشر الميلادي خلال الحكم العثماني لمصر. بُني المسجد عام 1147 هـ / 1734 م بأمر من الأمير عثمان كتخدا القازدغلي، أحد رجال الدولة البارزين آنذاك، والذي تقلّد عدة مناصب مهمة وكان مشهورًا بثرائه واهتمامه بأعمال البر والخير.

مركز ديني وعلمي 

أسهم عثمان كتخدا في إنشاء عدد من المنشآت الدينية والخدمية، وخصص أوقافًا واسعة لضمان استمرارية الخدمات التي تقدمها، وعلى رأسها مسجد الكيخيا، الذي اعتُبر في زمانه مركزًا دينيًا وعلميًا مرموقًا.

الأهمية العمرانية

يقع المسجد في منطقة الأزبكية، وهي من المناطق التاريخية العريقة وسط القاهرة، عند تقاطع شارعي إبراهيم وقصر النيل، على مقربة من بركة الأزبكية التي كانت آنذاك واحدة من أهم المعالم الطبيعية والترفيهية بالمدينة.

وأحاط بالمسجد عدد من المنشآت العامة مثل حمام تقليدي وسبيل ماء، أُزيلا لاحقًا خلال التوسعات العمرانية الحديثة.؛وكان المسجد يُعد من أبرز معالم الحي، حيث جذب أعدادًا كبيرة من المصلين والطلاب والعلماء.

الطراز المعماري

يتّسم مسجد الكيخيا بطراز معماري يجمع بين التأثيرات المملوكية المتأخرة والطراز العثماني، وهو ما يعكس تداخل الأساليب المعمارية في ذلك العصر. يتألف المسجد من:صحن أوسط مفتوح تحيط به أربعة إيوانات، ويُعد إيوان القبلة هو الأكبر والأكثر اتساعًا، ويتكون من ثلاث بواكٍ (أروقة) محمولة على أعمدة رشيقة موازية لجدار القبلة؛ وقبة كبيرة تغطي إيوان القبلة، وهي من أبرز معالم المسجد من حيث الزخرفة والارتفاع.

للمسجد أربع واجهات خارجية، تتميز بالزخارف الهندسية والنقوش العثمانية الدقيقة؛ ويحتوي المسجد على أعتاب من رخام الجرانيت عند المداخل، ما يعكس ثراء المواد المستخدمة وجمال التصميم؛والزخارف الداخلية تتميز بالدقة والتنوع، وتشمل الزخارف النباتية والهندسية والخطوط العربية.

الوظيفة الدينية والعلمية

منذ اكتمال بنائه، لم يكن المسجد مجرد مكان للصلاة، بل كان أيضًا مركزًا علميًا وتعليميًا. فقد عيّن الأمير عثمان كتخدا عددًا من كبار العلماء للتدريس فيه، ومنهم:

العلامة الشيخ عمر بن علي بن مصطفى الطحلاوي، الذي كان من كبار فقهاء عصره؛أما إمام المسجد وخطيبه فكان الشيخ حسن المقدسي، المعروف بعلمه وبلاغته.

وتشير الروايات التاريخية إلى أن أول صلاة أقيمت في المسجد شهدت ازدحامًا غير مسبوق، حتى أن الأمير عثمان بك ذو الفقار، أحد كبار رجال الدولة، لم يجد مكانًا للصلاة واضطر للذهاب إلى جامع أزبك القريب.

كما يُذكر أن المناسبة شهدت مظاهر احتفال كبيرة، حيث امتلأت المزملة (حاوية المياه) بـالسكر المذاب، ووزع على عامة الناس، الذين طافوا بالماء وهم يحملون القلل (أواني الفخار) للشرب، في تعبير رمزي عن الفرحة والكرم.

لا يزال مسجد عثمان كتخدا قائمًا حتى اليوم، رغم التحولات العمرانية الهائلة التي شهدتها منطقة الأزبكية. وقد صُنّف كأثر إسلامي هام، ويخضع لإشراف وزارة الآثار المصرية ضمن خطة الحفاظ على التراث العثماني في القاهرة.

تم نسخ الرابط