أطفال بلا مأوى بين التسول وترويج المخدرات.. كارثة اجتماعية تهدد المستقبل

انتشر في السنوات الأخيرة، ظاهرة استغلال الأطفال في أعمال التسول والتي أخذت منحى خطراً، حيث لم تعد مجرد ممارسات فردية عابرة، بل تحولت إلى تجارة مربحة تدار بعناية من قبل عصابات منظمة، تستغل براءة الصغار وضعفهم لتحقيق مكاسب غير مشروعة، فمشاهد الأطفال عند إشارات المرور وأمام المحال التجارية وهم يمدون أيديهم طلبًا للمال لم تعد تثير الشفقة فقط، بل صارت جرس إنذار يقرع بقوة ليكشف حجم الكارثة الاجتماعية التي تهدد حاضر المجتمع ومستقبله.
التسول والمخدرات تجارة سرية تهدد أمن المجتمع
والمثير أن هذه الظاهرة بدأت تتمدد بشكل ملحوظ في الأماكن العامة واشارات المرور، حيث تغيب الرقابة الأسرية، وتنعدم القيم والمبادئ، ليجد الطفل نفسه ضحية واقع قاسٍ لا يمتلك فيه أي حماية، بل و الأخطر من ذلك أن التسول أصبح وسيلة لكسب المال، إذ يُستغل الأطفال في التسول، وأحيانًا في جرائم أبشع مثل ترويج المخدرات أو الاستغلال الجنسي.
وبينما ينظر القانون إلى هؤلاء الصغار باعتبارهم ضحايا لا جناة، فإن المجتمع بأسره يقف أمام مسؤولية جسيمة، كيف نعيد للأسرة دورها الغائب؟ وكيف نحصن أطفالنا من براثن عصابات تستغل ضعفهم وتدفعهم إلى مستقبل مظلم؟
متعاطي المخدرات والمتسولين تحت الكباري
فالمشهد الأكثر وضوحا تجده أسفل الكباري وعلى أطراف الطرق السريعة وداخل أشارات المرور حيث الملاذ الأمن ،وجو العمل المربح الذي يمكن الأطفال من تتبع المارة والإلحال عليهم من اجل الحصول على الأموال، فالشاهد والمتابع لقضايا أطفال التسول وأوكار المخدرات يرى هذه المناطق تحولت إلى أوكار لمتعاطي المخدرات والمتسولين، يعيشون فيها بلا رقيب ولا حسيب، ويشكلون خطورة يومية على المارة والسائقين، الأمر لم يعد مجرد إزعاج بصري، بل بات تهديدًا مباشرا للحياة والمواطنين.
أطفال بلا مأوى في قبضة العصابات
وفي ذات السياق، قال اللواء عمرو زياد الزيات، الخبير الأمني، في تصريح خاص لـ«نيوز رووم»، إن استغلال الأطفال في أعمال التسول جريمة مكتملة الأركان تندرج تحت مسمى الاتجار بالبشر، موضحًا أن هذه النوعية من القضايا تحتاج إلى علاج متكامل وليس أمنيًا فقط.
وأضاف أن استخدام الأطفال في التسول بدأت تنتشر بشكل فج في بعض المناطق العشوائية، لافتًا إلى أن السبب يرجع إلى غياب دور الأسرة والقيم المجتمعية، فضلًا عن التأثير السلبي لبعض الأعمال الدرامية والسينمائية التي جسدت التسول كوسيلة عادية للعيش.
وأكد الزيات أن هؤلاء الأطفال يطلق عليهم «أطفال بلا مأوى»، وأن القانون يجرم تشغيلهم أو دفعهم إلى التسول أو استغلالهم في تجارة المخدرات، مشددًا على أن علاج هذه الظاهرة لا يكمن فقط في ضبطيات أمنية، بل يحتاج إلى توعية مجتمعية شاملة تبدأ من الأسرة، مرورًا بالمدرسة والخطاب الديني، وصولًا إلى وسائل الإعلام ومؤسسات الدولة.

استغلال الأطفال في التسول جريمة اتجار بالبشر
وفقًا للقانون المصري رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، فإن استخدام أو تشغيل الأطفال في أعمال التسول يعد أحد أشكال الاتجار بالبشر، ويعتبر الطفل في جميع الأحوال ضحية حتى لو لم يثبت الإكراه عليه.
ويعاقب المتورطون في استغلال الأطفال بالحبس المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات وغرامة بين 50 و200 ألف جنيه، إذا كان الطفل من ذوي الإعاقة أو تم الاستغلال بواسطة جماعة إجرامية منظمة، تصل العقوبة إلى السجن المؤبد.
كما ينص قانون الطفل على حظر تشغيل من هم دون سن 15 عامًا، ويعتبر أي طفل يستغل في التسول أو الأعمال الخطرة معرضًا للخطر، ويحال إلى دور الرعاية الاجتماعية.
وتنص المادة 10 من الدستور المصري أن الأسرة هي أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها. كما تنص المادة 47 على أن الدولة تلتزم بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة.
وقد شدد على أن التصدي لظاهرة استغلال الأطفال في التسول لا بد أن يكون تكامليًا، يجمع بين العقوبات الرادعة والتوعية الثقافية ، ودور الأسرة والمدرسة، لضمان حماية النشء وتجفيف منابع هذه التجارة غير الإنسانية.
