عبدالله رشدي ناعيًا مفتي السعودية: فقيها جليلا سريع البديهة راسخ المعرفة
نعى الداعية عبدالله رشدي مفتي المملكة العربية السعودية، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ.
وكتب رشدي عبر حسابه الرسمي على منصة إكس، انتقل إلى رحمة الله تعالى بقيَّةُ السلف فضيلة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية.
وتابع: كان فقيهاً جليلاً؛ سريع البديهة؛ راسخ المعرفة، وقد صليتُ وراءه وهو في شبيبته ولا أنسى صوتَه الجهوري الشجيَّ وهو يقرأ قول الله تعالى في سورة المزمل: "وذرني والمُكذبين أولي النعمة ومهِّلهم قليلاً"
ووالله لا أقرأها ولا أسمعها إلا وقع في خاطري صوتُه حين سمعتُها منه.
واضاف عبدالله رشدي متذكرا محاسن مفتي المملكة العربية السعودية، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، قائلا: ولا أنسى خُطبَه أيام عرفة على مرِّ السنين إذ يبدأ بقوله: "السلام عليكم ورحمة الله" فأجد قلبي وذهني يدخلان حالةً من الاستعداد والانتباه لما هو آتٍ.
واختتم تغريدته بالدعاء للشيخ الراحل: فاللهم عظِّمْ أجره ونوِّرْ قبرَه واجزه عن دينك خيراً.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

فُجع العالم الإسلامي، اليوم، بخبر وفاة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، مفتي السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء والبحوث العلمية والإفتاء، الذي رحل عن عمر ناهز الثانية والثمانين عامًا، بعد مسيرة حافلة بالعطاء العلمي والفقهي امتدت لعقود طويلة، ترك خلالها إرثًا زاخرًا بالعلم والدعوة وخدمة قضايا الأمة.
من هو عبدالعزيز آل الشيخ؟
وُلد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ في مكة المكرمة عام 1362هـ (1943م)، في أسرة علمية عريقة تعود جذورها إلى آل الشيخ، أحفاد الإمام محمد بن عبدالوهاب. نشأ منذ طفولته في بيئة مفعمة بالعلم، وحفظ القرآن الكريم صغيرًا عام 1373هـ، رغم اليُتم المبكر الذي عايشه بعد وفاة والده وهو لم يتجاوز الثامنة من عمره.
مسيرته العلمية
بدأ مسيرته العلمية مدرسًا في معهد إمام الدعوة العلمي عام 1384هـ، ثم تدرج في السلك الأكاديمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حتى وصل إلى رتبة أستاذ مشارك بكلية الشريعة عام 1400هـ. وقد عُرف منذ بداياته بثباته على المنهج الوسطي وحرصه على نشر العلم بين طلابه ومجتمعه.
في عام 1407هـ، صدر قرار بتعيينه عضوًا في هيئة كبار العلماء، ليبدأ مرحلة جديدة من التأثير العلمي والفقهي. ثم تولى مناصب عدة، منها إمامة وخطابة جامع الإمام تركي بن عبدالله في الرياض، وعضوية اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. وفي عام 1420هـ، عُين بأمر ملكي مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية ورئيسًا لهيئة كبار العلماء، خلفًا للشيخ عبدالعزيز بن باز، ليتحمل مسؤولية من أعظم المناصب الدينية في العالم الإسلامي.
من أبرز محطاته التي بقيت عالقة في ذاكرة المسلمين، خطبته في يوم عرفة بمسجد نمرة، حيث واصل الخطابة 35 عامًا متتالية، من عام 1402هـ حتى 1436هـ، ليصبح صاحب أطول فترة في إلقاء خطبة الحج بعرفات في التاريخ الحديث. وقد كانت كلماته في عرفات منبرًا للهداية والإرشاد، يستمع إليها ملايين الحجاج في مشارق الأرض ومغاربها.
لم يقتصر دوره على المنابر، بل كان حاضرًا في المؤتمرات والندوات والمحافل العلمية داخل المملكة وخارجها، كما أسهم في العديد من البرامج الدينية عبر الإذاعة والتلفزيون، مؤكدًا مكانته كأحد أبرز علماء الأمة في عصره.
برحيل الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، يفقد العالم الإسلامي عالمًا جليلًا، ومفتيًا حمل راية الفتوى والإرشاد لعقود، تاركًا سيرة عطرة تشهد بعلمه وتواضعه وإخلاصه. وقد نعاه تلامذته وطلابه في مختلف البلدان، سائلين الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.



