رمضان عبدالمعز: الأولياء يرون ذنوبهم كالجبل ويكثرون الدعاء والرجوع إلى الله

قال الشيخ رمضان عبدالمعز، الداعية الإسلامي، إن الأولياء الصالحين يعلموننا ثلاث خطوات مهمة في الرجوع إلى الله تعالى؛ أولها الاستخارة قبل اتخاذ أي قرار، ثم التضرع والابتهال وكثرة الدعاء حتى وإن لم يكن هناك طلب محدد، لأن الدعاء نوعان: دعاء مسألة ودعاء عبادة، وأفضل الدعاء قول "الحمد لله".
وأضاف عبدالمعز، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن التوبة والإنابة هما من أهم ما يميز أولياء الله، فهم إذا أذنبوا يرون ذنوبهم كالجبل ويستشعرون عظم المعصية، لأنهم ينظرون إلى عظمة الله عز وجل لا إلى حجم الذنب.
وأوضح أن الأولياء يحرصون على ترك صغائر الذنوب قبل كبائرها، لأن معظم النار من مستصغر الشرر، مشيرًا إلى أن التوبة واجبة عندهم على الدوام، بينما المنافقون يستهينون بالذنوب ويتعاملون معها باستخفاف.
وأكد على أن الإكثار من الدعاء، والاستغفار، والرجوع إلى الله هو سبيل المؤمنين والصالحين لنيل محبة الله ورضاه.
https://youtu.be/QKcgUzLY0f8?si=u8MqdpkqK0otQUrh
الأدلة على استحباب دعاء المسلمين لبعضهم البعض
استحبت الشريعة للمسلمين أن يدعو بعضهم لبعض في خواتيم العبادات؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو للحاج عند تمام حجه، ولصائم رمضان عند فطره، وللتائب من الذنب عند توبته.
فمن ذلك الدعاء بالقبول بعد صلاة العيدين؛ فعن خالد بن معدان قال: لقيت واثلة بن الأسقع رضي الله عنه في يوم عيد، فقلت: تقبل الله منا ومنك، فقال: نعم، تقبل الله منا ومنك، قال واثلة رضي الله عنه: لقيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عيد فقلت: تقبل الله منا ومنك، قال: «نَعَمْ، تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" و"الدعاء"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وعن جُبَير بن نُفَير قال: كان أصحاب النبي صلى اللهُ عليه وآله وسلَّم رضي الله عنهم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: "تقبَّل الله منا ومنك" أخرجه المحاملي في "المحامليات"، وإسناده حسن؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ، وحسّنه أيضًا السيوطي والقسطلاني.
وبعد الانتهاء من أعمال الحج: فقد ورد أن الملائكة عليهم السلام هنأوا سيدنا آدم عليه السلام على حجه بيتَ الله الحرام؛ فقالوا له: "بَرَّ نُسُكُكَ يَا آدَمُ"، أو "بَرَّ حجُّكَ يا آدم" أخرجه قِوَامُ السُّنّة في "الترغيب والترهيب"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: جاء غلامٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني أريد هذه الناحية الحج، فمشى معه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: «يَا غُلَامُ، زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى، وَوَجَّهَكَ الْخَيْرَ، وَكَفَاكَ الْهَمَّ»، فلما رجع الغلام سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرفع رأسه إليه وقال: «يَا غُلَامُ، قَبِلَ اللهُ حَجَّكَ، وَكَفَّرَ ذَنْبَكَ، وَأَخْلَفَ نَفَقَتَكَ» أخرجه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وابن السني في "عمل اليوم الليلة".
وروي أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول لِلْحَاجِّ إِذَا قَدِمَ: "تَقَبَّلَ اللهُ نُسُكَكَ، وَأَعْظَمَ أَجْرَكَ، وَأَخْلَفَ نَفَقَتَكَ" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".
وقال اللَّيْث بن سعد: "كَانَ ابْن سِيرِين لَا يزِيد أَن يَقُول للرجل إِذا قدم من حج أَو غَزْوَة أَو فِي عيد: "قَبِلَ اللهُ منا ومنكم، وَغفر لنا وَلكم" أخرجه ابن الأبار في "التكملة لكتاب الصلة".
وبعد ختم القرآن الكريم؛ فعن خيثمة قال: مرَّ عمران بن حصين رضي الله عنه برجل يقصُّ، فقال عمران: إنَّا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَسَلُوا اللهَ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجِيءَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند".
وعن شعبة بن الحجاج، عن الحكم قال: "بعث إليَّ مجاهد قال: إنما دعوناك أنَّا أردنا أن نختم القرآن وإنه بلغنا أنَّ الدعاء يستجاب عند ختم القرآن"، قال: "فدعوا بدعوات" أخرجه الدارمي في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان". وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.