طبيب نفسي: «الفقد الرقمي» يمنح راحة زائفة ويعطّل التكيف الطبيعي مع الموت

حذّر الدكتور كريم درويش، استشاري الطب النفسي من لندن، من خطورة الاعتماد على الوسائل الرقمية في التعامل مع الفقد والموت، موضحًا أن ما يُعرف بـ"الفقد الرقمي" قد يمنح بعض الأشخاص شعورًا مؤقتًا بالراحة، لكنه شعور زائف يؤدي في كثير من الأحيان إلى مضاعفات نفسية ويُعطّل عملية التكيف الطبيعي مع الخسارة.
تجربة الفقد تُعد خبرة فردية معقدة تختلف من شخص إلى أخر
وقال درويش، خلال مداخلة لبرنامج "صباح جديد" المذاع عبر قناة القاهرة الإخبارية، إن تجربة الفقد تُعد خبرة فردية معقدة، تختلف من شخص إلى آخر، ولا يمكن تعميم أسلوب أو وسيلة واحدة لمواجهتها، مضيفا: "لا يوجد نمط موحد في اختبار الحزن؛ فلكل إنسان طريقته الخاصة، وبالتالي لا يمكن القول إن الوسائل الرقمية مناسبة للجميع."
وأشار إلى أن الفئات الأكثر تأثرًا سلبًا من استخدام الوسائل الرقمية المرتبطة بالموت، هم الأشخاص الذين لم يستعيدوا بعد توازنهم النفسي عقب الفقد الحقيقي، ويظنون أن التكنولوجيا قد تسد هذا الفراغ. وتابع: "هؤلاء يرون في الوسائل الرقمية وسيلة للدعم، لكنها في الواقع تمنحهم تحسنًا زائفًا وتغذي حالة من الإنكار، ما يُعطّل مسار الحداد الطبيعي."
الخطورة تكمن في أن بعض الأشخاص يستخدمون هذه الأدوات خارج أي إشراف طبي
وأكد درويش أن الخطورة تكمن في أن بعض الأشخاص يستخدمون هذه الأدوات خارج أي إشراف طبي أو نفسي، لمحاولة ملء فراغ الفقد، مما يؤدي إلى اضطرابات طويلة الأمد في التوازن النفسي.
وعن الجانب الإيجابي، أوضح أن استخدام الوسائل الرقمية لاسترجاع الذكريات قد يكون مفيدًا فقط إذا كان الفرد قد مرّ بجميع مراحل الحزن وتقبل الفقد فعليًا، موضحًا: "في هذه الحالة تصبح الذكريات وسيلة للابتسام واستحضار اللحظات الجميلة، لا وسيلة للهروب من الواقع أو رفضه."
استعادة التوازن النفسي بعد الفقد تتطلب مواجهة الواقع وإعادة ترتيب عناصر الحياة
واختتم بالتأكيد على أن استعادة التوازن النفسي بعد الفقد تتطلب مواجهة الواقع وإعادة ترتيب عناصر الحياة، وليس الهروب منه عبر وسائل رقمية قد تؤدي إلى نتائج عكسية إذا استُخدمت في توقيت نفسي غير مناسب.