ما حكم صلاة ركعتين بعد الوضوء سنة له؟.. اعرف آراء الفقهاء

في كل عبادة من العبادات التي شرعها الإسلام معانٍ روحية سامية، تزيد من صلة المسلم بربه، وتضاعف من رصيده من الحسنات والقربات.
ومن بين هذه العبادات ما يندرج تحت باب النوافل التي تحيي القلب وتكمل بها الفرائض، ومنها ركعتان يسميهما الفقهاء سنة الوضوء.
ما حكم صلاة ركعتين بعد الوضوء سنة له؟
يُسنّ للمتوضئ أن يصلي ركعتين بعد الوضوء بنية سُنة الوضوء، وذلك لما ورد من الأحاديث في الترغيب إليها. فقد روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توضأ ثم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (رواه النسائي، وأصله في الصحيحين). والأفضل أن تُؤدى هاتان الركعتان عقب الوضوء مباشرة حتى لا يطول الفاصل، خروجًا من الخلاف.
ثواب الإكثار من نوافل الصلاة
النوافل من أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى بعد الفرائض، وقد جاءت السنة النبوية ببيان فضلها وآثارها العظيمة. فهي سبب لمحبة الله للعبد وقربه منه، وعون له في قضاء حاجاته واستجابة دعائه. فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فيما يرويه عن ربه عز وجل: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» (رواه البخاري).
وهذا يدل على أن النوافل سبيل للولاية والقرب من الله، وأنها باب واسع لنيل عنايته ورعايته.
حكم وفضل سنة الوضوء
من بين النوافل العظيمة: سنة الوضوء، وهي ركعتان أو أكثر يصليهما المسلم عقب وضوئه، وقد جاءت النصوص بفضلها.
فعن بلال بن رباح رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له عند صلاة الفجر: «يَا بِلَالُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ»، فقال بلال: ما عملت عملًا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كُتب لي أن أصلي» (متفق عليه).
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه توضأ ثم قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ بِشَيْءٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (رواه النسائي، وأصله في الصحيحين).
وبناءً على هذه الأحاديث نص جمهور الفقهاء على استحباب صلاة ركعتين عقب الوضوء سنةً مؤكدة.
أقوال الفقهاء في سنة الوضوء
• قال ابن عابدين في رد المحتار: «وندب ركعتان بعد الوضوء… ومثل الوضوء الغسل».
• وقال ابن الحاج في المدخل: «إذا أسبغ المسلم وضوءه على الوجه المطلوب استُحب له أن يصلي ركعتين بعده، لما ورد من الترغيب فيها، ولأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعلها».
• وذكر الإمام النووي في المجموع: «يستحب ركعتان عقب الوضوء للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك».
• وجاء في كشاف القناع للبهوتي: «وتُسن سنة الوضوء، أي ركعتان بعده».
أفضل وقت لأداء سنة الوضوء
الأفضل أن تؤدى هاتان الركعتان فور الانتهاء من الوضوء، حتى لا يطول الفاصل بين الطهارة والصلاة، إذ المقصود بهما أن يُتبع الوضوء بالعبادة مباشرة. قال ابن الجوزي – كما نقله الحافظ ابن حجر في فتح الباري –: «فيه الحث على الصلاة عقب الوضوء لئلا يبقى الوضوء خاليًا عن مقصوده».
هل تفوت سنة الوضوء بالفصل أو بالتأخير؟
اختلف العلماء في ذلك على أقوال:
1. قيل: تفوت بالإعراض عنها.
2. وقيل: تفوت بطول الفصل العرفي بين الوضوء وأدائها.
3. وقيل: لا تفوت إلا بانتقاض الوضوء.
وقد مال بعض المحققين إلى أن وقتها يمتد ما دام الوضوء باقيًا؛ لأن الغرض منها أن لا يبقى الوضوء بلا صلاة، كما يشهد لذلك حديث بلال رضي الله عنه. وأشار بعض العلماء إلى أن المبادرة بها بعد الوضوء مباشرة هو الأكمل والأفضل، لكنه لا يمنع من صلاتها ما دام المتوضئ على وضوئه