عاجل

وأنا أتابع أخبار قضية الأسوِرة الأثرية التي تتناولها وسائل الإعلام في مصر والعالم، تخيلت رسالة ساخرة تأتينا من عالم آخر… رسالة من الملك أمون أم أوبت صاحب الأسوِرة، إلى العصابة التي سرقتها وصهرتها، بعدما حوّلت تحفة فرعونية إلى مجرد سبايك ذهب تُباع بالجرام!

إلى حضرات العصابة المحترمة،
سلامٌ عليكم من العالم الآخر حيث الراحة الأبدية والسكينة… أو هكذا كان المفترض!

كنت نائمًا منذ آلاف السنين، أستمتع بالهدوء، وإذا بي أُفاجأ بخبر عجيب: أن أسورتي الذهبية، التي كُنت أحتفظ بها منذ عصر المجد، قد وقعت في أيديكم الكريمة. ليس غريبًا أن يسرق أحدكم شيئًا، لكن ما صدمني أنكم لم تجدوا أفضل من إذابتها! يعني بعد آلاف السنين من الفن والدقة والصنعة الملكية، تحوّلت الأسوِرة عندكم إلى “شوية ذهب خام” يباع بالجرام وكأنها شبكة عروسة في حارة!

ولأن الحق يُقال، فقد استوقفني كل فرد منكم، وقررت أن أوجّه له رسالة شخصية:

إلى أخصائية الترميم:
يا من كان دورك حماية الأثر، فإذا بكِ ترمّمين جيبك فقط! كنتِ في مهمة مقدسة، فحوّلتِها إلى مغافلة لا تختلف كثيرًا عن “تسقيط محفظة في ميكروباص”.

إلى صاحب محل الفضة في السيدة زينب:
وصلك تاريخ مصر كله في أسوِرة، فبعته كأنك بتصرّف “خاتم صيني”. يا رجل، حتى بائع التحف في خان الخليلي عنده ذوق أكثر منك!

إلى تاجر الذهب في الصاغة:
أشتريت مجد آلاف السنين بـ180 ألف جنيه، ثم بعته بـ194 ألف… كأنك تاجر بطيخ، مش وريث لحضارة. صدقني، أنت خسرت قبل أن تربح.

إلى عامل المسبك:
أنت صاحب الضربة القاضية… صهرت الأسوِرة كأنها “كسر دهب” من حفلة خطوبة! هل فكرت للحظة أنك بصهرك للتحفة صهرت معها اسمك من أي ذكر كريم في التاريخ؟

اللعنة الساخرة

اعلموا يا سادة العصابة أنكم لستم مجرد لصوص، بل أبطال أول “كوميديا سوداء” في التاريخ: حولتم الملك إلى خردة، والفن إلى سبايك. لكن من الآن، ستلاحقكم لعناتي: كل مرة تفتحون فرنًا ستحسون بحرارة طيبة، وكلما نظرتم إلى خاتم ذهب ستسمعون همساتي:
“حتى أسوِرتك يا أمون راحت ضحية فرن بلدي!”

طلب من الاخره

وأختم هذه الرسالة من العالم الآخر بنداء واضح لا لبس فيه: لا بد أن يكون هناك عقاب رادع وحاسم لكل من شارك في هذه الجريمة — من أخصائية الترميم التي خانت أمانتها إلى من اشتروا وباعوا وصهروا تحفة تاريخية بلا أدنى احترام. التحقيقات يجب أن تُستكمل بسرعة ونزاهة، والمحاكمة تكون علنية لإعادة الثقة في مؤسساتنا الثقافية، والعقوبات لا تقتصر على الغرامات بل تشمل السجن واسترداد الأموال وإلزام المتورطين بتعويض المصلحة العامة عن طريق تمويل برامج ترميم وحماية للآثار.
لأن التاريخ لا يُعاد ولا تُشترى القيم بالحجم أو بالذهب. ومن يعبث بالماضي لا يسرق فقط، بل يسرق المستقبل أيضًا — وعليه فالعقاب العادل ركن لا بد منه.

تم نسخ الرابط